رجع إلى الكوفة فقتلوه وولده وولد ولده وبني عمّه. وأخرجوا الحسن بن عليّ بعد بيعتهم له حتى هرب منهم.
فقال ابن عيّاش: بل قصّر الله أيديكم بطول أيدي الكوفة وبنصرتهم عليكم، وكيف تعيّرنا بباطل رجل واحد منّا يبلغ بباطله ما عجز عنه عامّتكم، ولقد حدّثني أشياخ من النّخع أن أهل الكوفة كانوا يوم الجمل تسعة آلاف رجل مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكان عليه ثلاثون ألفا مع طلحة والزبير وعائشة، فلمّا التقوا لم يكن أهل البصرة إلّا كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف.
فقال أبو بكر: ومتى كان أهل البصرة ثلاثين ألفا يقاتلون أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد اعتزلهم الأحنف بن قيس في سعد والرّباب، وقد دخلنا بعد ذلك الكوفة، فذبحنا بها ستّة آلاف رجل من أصحاب نبيّهم المختار، كما يذبح الحملان، سوى من هرب بعد أن جاء أسماء بن خارجة الفزاريّ ومحمّد بن الأشعث الكنديّ وشبث بن ربعيّ التميميّ، واستعانوا بأهل البصرة وشكوا إليهم المختار وأصحابه، وما قتل من رجالهم واستباح من حريمهم، فخرجنا مع مصعب بن الزّبير حتى قتلنا نبيّهم المختار، ومن قدرنا عليه من أصحابه وأعتقناهم من الرقّ، فلنا الفضل على أهل الكوفة، ولنا المنّة عليهم وعلى أعقابهم لو كانوا يشكرون.
قال ابن عيّاش: أتاكم أهل الكوفة يوم الجمل مع عليّ فقتلوكم، فأرى أهل الكوفة غالبين ومغلوبين على الحقّ، وأرى أهل البصرة غالبين ومغلوبين على الباطل.
فقال أبو العبّاس: يا أبا بكر دونك فإني أرى ابن عيّاش مفوّها جدلا.
قال أبو بكر: ما لهم بنا طاقة.
قال ابن عيّاش: لسنا في حرب فيرى مغالبنا، وإنما نحن في كلام، فأحسن الكلام أوضحه حجّة.