العنز، تخاف بادرة العدوّ وأكل السبع، فإلّا ترفع خسيستنا وتجبر فاقتنا نكن كقوم هلكوا، فألحق عمر ذراريّ أهل البصرة في العطاء، وكتب لهم إلى أبي موسى يأمره أن يحفر لهم نهرا.
فحدث جماعة من أهل البصرة قالوا: كان لدجلة العوراء- وهي دجلة البصرة- خور، والخور طريق للماء لم يحفره أحد يجري إليها فيه ماء الأمطار، ويتراجع ماؤها فيه عند المدّ، وينضب في الجزر، وكان طوله قدر فرسخ، ونهر الإجّانة احتفره أبو موسى وقاده ثلاثة فراسخ حتى بلغ به البصرة، فكان طول نهر الأبلّة أربعة فراسخ، ثم إنه انطمّ منه ما بين البصرة وبثق الحيريّ، وذلك على قدر فرسخ من البصرة، فلمّا شخص ابن عامر إلى خراسان استخرج زياد نهر أبي موسى، فرجع ابن عامر وغضب عليه وتباعد ما بينهما وقال: إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني.
وكانت البصرة أيّام خالد بن عبد الله طولها فرسخان «١» وعرضها فرسخان «١» .
وتذاكروا عند زياد البصرة والكوفة فقال زياد: لو ضلّت البصرة لجعلت الكوفة لمن يدلّني عليها، وقال ابن سيرين: كان الرجل منّا يقول: غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة، عزله عن البصرة وولّاه الكوفة، وقال أبو بكر الهذليّ: نحن أكثر منكم ساجا وعاجا وديباجا ونهرا عجّاجا وخراجا، وأنشد لابن أبي عيينة في البصرة:
يا جنّة فاقت الجنان فما ... يبلغها قيمة ولا ثمن
ألفتها فاتّخذتها وطنا ... إنّ فؤادي لحسنها وطن
وقالوا: بالبصرة أربع بيوتات ليس بالكوفة مثلها: بيت بني المهلّب، وبيت بني مسلم بن عمرو الباهليّ من قيس، وبيت بني مسمع من بكر بن وائل، وبيت آل الجارود من عبد القيس، ودخل فتى من أهل المدينة البصرة فلمّا انصرف قالوا:
كيف رأيت البصرة؟ قال: خير بلاد الله للجائع والغريب والمفلس، أما الجائع