أو عساك ظننت أن وجود هذا هو شيء للخاص دون العام والغني دون الفقير والكبير دون الصغير، وان بلدا لا يمتنع فيه وجود غذاء في كل زمان وكل دواء في كل أبان، مجمّع لك الأنواع مع تفرّق الزمان، حتى يناسب بين المتضادات في أزمانها. ويؤلّف بين المتنافيات في أبانها لبلد عزيز الشأن عند الله، عظيم النصيب من لطف الله.
زعم لنا جامع بن وهب وهو أحد وجوه المجهزين من الصيادلة ان قدر ما كان فقد بمدينة السلام من أنواع الصيدلة مما كان يأتي من نواحي البحر خاصة عند خراب البصرة وانقطاع سبلها ألف نوع وأربعمائة نوع وثلاثة وسبعين نوعا معدودة محصلة مبينة مفصّلة. قال: فقلنا ذلك مع أنواع العطر؟ فقال نعم مع بعض العطر.
فلما رأى تعجبنا من ذلك واستفظاعنا له التفت إلينا فقال: من يذكر منكم أنه ابتاع آسا رطبا في مدة حياته؟ فقلنا جميعا بلسان واحد: ما نذكر ذلك. فقال:
فاعلموا أنه يباع في دار البطيخ في كل يوم من أيام الشتاء والصيف من الآس الرطب بخمسة وعشرين ألف درهم. يكون قدر ذلك في الشهر الواحد ورقا سبعمائة ألف وخمسين ألف درهم. وفي العام الواحد تسعة ألف ألف. فإذا كانت هذه الآية في الآس بها وحده، فما ظنّك بغيره من سائر الأجناس؟
ثم [٦٥ ب] رجع بنا النظر بعد ذكر الدواء والغذاء إلى شبيه بما كنا فيه من ذكر الجداء وقلنا: إنّا إذا كنّا قد فرضنا لكل مائدة جديا، فوصلنا من عدد الجداء إلى ما ذكرنا وهو ستمائة ألف ألف جدي في يوم واحد. فلنفرض الآن استظهارا لكل ذي مائدة جديا وأربع دجاجات وأربعة فراخ، فيكون عدد الدجاج والفراخ المستعملة في اليوم الواحد من أيام الأعياد العظام أربعة ألف ألف وثمانمائة فرخ ودجاجة. يكون ثمن كل دجاجة استظهارا درهما واحدا وثمن الفرخين درهما واحدا. فيكون ثمن الجميع من الدجاج والفراخ في اليوم الواحد أيضا، ثلاثمائة ألف ألف وستمائة ألف درهم.
وقد وجدتني على كل حال حليف الاستظهار فيما ادعيت ومسامحا لك في