وبنى جنديسابور وكانت غيضة. فمرّ بها واكار الحرث [يحرث] أرضا بالقرب منها. فقال له سابور: إني أريد أن أبني في هذا الموضع مدينة. فقال الأكار وكان شيخا كبيرا وكان اسمه بيل يعجب من قول: إن جاء مني كاتبا جاء في هذا الموضع مدينة «١» . فقال شابور: والله ما يتولى بناءها والنفقة عليها غيرك. ثم أمر بحمل الشيخ، فحمل وأمر بحلق رأسه ولحيته كي لا يشتغل عن التعليم، وضمّ إليه معلما وأخذه بتعليمه. وأمر بقطع الخشب من الغيضة، فقطع.
ومهر الشيخ في الكتابة وحذقها وعرف جميع أمورها في سنة. فلما بلغ من ذلك غاية ما يحتاج إليه أدخله المعلم إلى سابور وعرّفه أمره وأنه قد بلغ النهاية في الكتابة. فضحك شابور وقال له: يا بيل! تعلمت الكتابة؟ قال: نعم. قال: اذهب.
فقد قلدتك نفقات المدينة. وأمره أن يقوم على الفعلة. فبنى جنديسابور.
فلما فرغ منها، نظر إلى بعض جوانبها يكره عليه من السيل. فنقضه وبناه بالآجر والكلس وبنى باقيها باللبن. فأهل الأهواز يسمون جنديسابور بيلاباد. باسم الشيخ الذي تولى بناءها والنفقة عليها.
وفي ملك سابور بن أردشير ظهر ماني [٨٦ ب] صاحب الزنادقة. فدعا شابور إلى مذهبه فما زال يسوّفه ويماطله حتى استخرج ما عنده فوجده داعية للشيطان. فأمر به فسلخ جلده وحشي تبنا وعلق على باب مدينة جنديسابور.
فالباب إلى الساعة يسمى باب الماني. والزنادقة تحج إليه وتعظم ذلك الموضع.
ويقال إن معنى نيسابور وسابور خواست وجنديسابور، إن أصحاب نيسابور لما فقدوه لقول المنجمين له أنك تشقى سبع سنين، خرج هاربا يسيح في الأرض.
وخرج أصحابه يطلبونه فبلغوا نيسابور فطلبوه هناك فلم يجدوه فقالوا: نيست سابور أي ليس سابور. ثم وقع إلى سابور خواست فقالوا: سابور خواست. أي طلب سابور هناك. ثم وقعوا عليه بجنديسابور فقالوا: وندذ سابور أي وجد الملك. وبنى أردشير مدينة سوق الأهواز