للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألوانهم بيضا وشعورهم سبطة وأجسادهم عظاما وطبائعهم إلى البرد وشكلهم متوحش لشدة برد أرضهم. وشتاؤهم شديد مفرط البرد، وشجرهم عظام ودوابهم على مثل هواء أرضهم. وهم الترك.

وأما ما كان من الذين سمت رؤوسهم تحت السرطان ومن سمت رؤوسهم تحت الدينة «١» فلأن الشمس لا تستوي على رؤوسهم، ولأنهم لم يميلوا إليها جدا، فلذلك هواؤهم حسن التمزيج وموضعهم معتدل، ليس فيه برد شديد ولا حرّ شديد. وألوانهم وأجسامهم وسط، وطبائعهم ممتزجة ومراتبهم في جميع حالاتهم متقاربة.

ومن كان من هؤلاء متيامنا فعامتهم أهل ذكاء وفطنة ودقة نظر وعلم بالنجوم وغير ذلك من العلوم، لقرب سمت رؤوسهم من مدار الكواكب الجارية والبروج.

فمن أجل ذلك تنازعهم نفوسهم إلى طلب علم النجوم والآداب. ومن كان مشرقا فهم مذكوّون وأنفسهم شديدة وهم أهل تنافس في الشرف والزيادة. لأن المشرق فيه طبيعة الشمس.

ومن يعزف منهم مغربا، فإنهم مؤنثون وأجسامهم لينة وعامة أعمالهم خفية.

لأن المغرب للقمر أو لدونيّة من مهلك من المغرب. فلذلك جعل المغرب مؤنثا ليّنا.

والشمال خلاف المشرق.

وفي هذه الأقسام قسم مختلفة في الشبه والطبائع والأدب على نحو ما يحيط به من الهواء الحار والبارد والممتزج وذلك ينقص ويزيد في كل كوكب ومكان على نحو ارتفاع الأرض وانخفاضها. والدليل على ذلك، أن بعض الناس صاروا نواتية وهم أصحاب السفن البحرية لقرب أرضهم من البحر. وصار آخرون أهل دعة وذلك لخصب بلادهم وكثرة خيرهم. وكذلك موافقة الأقاليم للبروج التي عليها في الطبائع. فإن طبائع كل إقليم على مثل طبائع البروج التي تتولاه.

<<  <   >  >>