للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القطب في مدينة الرقة خمسة وثلاثين جزءا وثلثا. وارتفاع القطب في مدينة التدمر، أربعة وثلاثين، بينهما زيادة جزء وثلث. ثم مسحوا ما بين الرقة وتدمر فوجدوه سبعة وعشرين ميلا. فعلموا أن لكل جزء وثلث، جزء من أجزاء الفلك الأعظم. فالظاهر من الفلك سبعة وستون «١» ميلا من الأرض، والفلك ثلاثمائة وستون جزءا على ما اتفق عليه علماء الروم والهند وبابل. وإنما قسموه هكذا، لأنهم وجدوا الفلك قد اقتسمته البروج الاثنا عشر، ووجدوا الشمس تقطع كل برج منها في شهر وتقطع البروج في ثلاثمائة وستين يوما. فبهذه القسمة والمقاييس استدركوا علم الساعات والكسوفين. وبها استخرجوا الآلات والاصطرلابات وعليها وضعوا كتبهم.

وقالوا أيضا: الفلك مستدير. واستدلوا بذلك لأنه يدور على محورين وقطبين، اللذين هما القطب الشمالي. والجنوبي فأما أهل البلدان التي مالت إلى ناحية الشمال، فإنهم يرون القطب الشمالي وبنات نعش ولا يرون القطب الجنوبي ولا الكواكب القريبة منه. ولذلك صار سهيل «٢» لا يرى بناحية خراسان ويرى في العراق أياما في السنة. فأما في البلدان الجنوبية فإنه يرى فيها السنة كلها. فمتى مال إلى الناحية الجنوب، غاب عنه القطب الشمالي والكواكب التي تقاربه. وهذه الكواكب التي هي قريبة من القطب تدور حوله دورانا مستديرا مستويا يرى بالعيان مثل الشمس فإنها بالصيف تطلع من وسط المشرق ثم تصعد في الفلك صعودا مستويا، ثم تهبط على مثال ذلك الدور، ثم تغيب تحت الأرض. فتدور هناك مثلما تدور هاهنا حتى تطلع.

وزعموا أن البحر أيضا كريّ مدور. وبرهان ذلك أنك إذا لججت فيه غابت عنك الأرض والجبال شيئا بعد شيء حتى خفي ذلك كله، ولا ترى شيئا من شوامخ الجبال. فإذا أقبلت نحو الساحل، ظهرت [١٠١ أ] لك قلل الجبال وأجسامها شيئا

<<  <   >  >>