يا شعبيّ أدب وافر وعقل نافر. قال: صدقت أيّها الأمير. العقل سجيّة والأدب تكلّف. ولولا أنتم- معاشر الملوك- ما تأدّبنا، قال: فالمنّة في ذلك لنا دونكم.
قال: صدقت، قال الشاعر، في عبيد الله بن زياد:
علّمني جودك ما لم أكن ... أحسنه من جيّد الشعر
فصرت في الناس أخا ثروة ... وصرت ذا جاه وذا قدر
وأنشد لغيره:
وكنت مفحّما دهرا طويلا، ... فصيّرني عطاؤك ذا بيان
فما شكري لخلق مثل شكري ... لمن كفّاه أطلقتا لساني
قال: فكتابي هذا، يشتمل على ضروب من أخبار البلدان، وعجائب الكور والبنيان، فمن نظر فيه من أهل الأدب والمعرفة، فليتأمّله بعين الإنصاف، وليعرنا فيه حسن محضره وجميل رأيه، فإن الأجدى في المذهب شاؤك، وقرابة دانية، ورحم ماسّة، ووصلة واشجة. ويهب زللي لاعترافي، وإغفالي لإقراري. فإنّي إنما ألحقت في هذا الكتاب ما أدركه حفظي، وحضره سماعي من الأخبار والأشعار والشواهد والأمثال.