طلعت اهتدي إليها لحسنها. أولياء الله في شواهق جبالها.
هل رأيت يا حليف طالب خير إلّا ناله؟ وهل رأيت مجانبا للشر إلّا أقصي عنه؟ كل حزب بما لديهم فرحون. كل نفس بما كسبت رهينة. ألم تر يا حليف أعمى يمشي على ظهر طريق مستقيم؟ ألم تر أعجم ينطق بالحق؟ قال حليف:
بلى. قال: تلك يكشفها النور. يهدي الله لنوره من يشاء [١٢٣ ب] ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون.
أما إنك ستجاوز منها جبالا وأودية حتى تشرف على مدينة يقال لها الري.
إذا ذكرت القرى فنسيها الله ولا ذكرها. فإن بها مصارع الأخيار. والله لأهلها- إلّا بعضهم- أشدّ حنقا علينا من كفرة بني إسرائيل على موسى عليه السلام. يقتل فيها رجالنا ويستحلّ بها شتمنا. أفلهم فينا ثأر فيقيدونا بثأرهم؟ أم لهم قبلنا حق فيطالبونا بحقهم. منعوا حق الله من مال الله قسرا ومنعونا خمس الله فلم ننازعهم.
أفحكم الجاهلية يبغون؟ الله بيننا وبينهم عند إقامة الميزان الذي لا يبخس فيه حق المحقين عند جحود المبطلين. فو الله لا تزال تلك العصابة على هذا حتى يبعث الله عليهم نقما منا أهل البيت يقوم. لا خلاق لهم. تقتل فيها رجالهم وتفنى أموالهم وتسبى ذراريهم ويتواتر الشرّ عليهم. سمعت جدي صلى الله عليه بأثره عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: هيهات هيهات معاشر الأمّة! لتأمرنّ بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطنّ الله عليكم شراركم. فعندها يدعو خياركم فلا يستجاب لهم.
[هاتوا برهانا]«١» ويحكم كبرهاننا. فإن لم تأتوا ببرهان فقولوا صدقت. فإن الله لا يستحيي من الحق. وإن الله عزّ وجلّ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا.
ويحك يا حليف فهذه الري فلا تسكنها، ودار البلاء فلا تلجها. وإذا قاربتها فحد عنها فإنها مصرع البلاء.
أما إنك ستجاوز منها أودية حتى تشرف على مدينة مدت إليها أعناقها