للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ميلين، فبلغه خبر [دخول] الجيش، ٢/١٥٦ فهرب إلى الجبل، إلى موضع يقال له الطاق.

وهذا الموضع كان في القديم [١٥١ أ] خزانة لملوك الفرس. وكان أول من اتخذه خزانة، منوجهر، وهو نقب في موضع من جبل صعب السلوك لا يجوزه إلّا الراجل بجهد. وهذا النقب شبيه بالباب الصغير. فإذا دخله الإنسان مشى فيه نحوا من ميل في ظلمة شديدة. ثم يخرج إلى موضع واسع شبيه بالمدينة قد أحاطت بها الجبال من كل جانب، وهي جبال لا يمكن أحد الصعود إلى أقلّها ارتفاعا، ولو استوى له ذلك ما قدر على النزول.

وفي هذه «١» الرحبة الواسعة مغائر وكهوف لا يلحق أمد بعضها، وفي وسطها عين غزيرة الماء تنبع من صخرة ويغور ماؤها في صخرة أخرى، بينهما نحو عشرة أذرع، ولا يعرف أحد لما بعد هذا موضعا.

وكان في أيام ملوك الفرس، يحفظ هذا النقب رجلان معهما سلّم من حبل يدلّونه من الموضع إذا أراد أحدهما النزول في الدهر الطويل. وعندهما جميع ما يحتاجان إليه لسنين كثيرة.

فلم يزل الأمر في هذه النقب وفي هذه الخزانة على ما ذكرنا إلى أن ملك العرب، فحاولوا الصعود إليها فتعذر ذلك، ولم يقدروا عليه إلى أن ولي المازيار طبرستان، فقصد هذا المكان وأقام عليه دهرا حتى استوى صعود رجل من أصحابه إليه. فلما صار إليه دلى حبالا وأصعد قوما فيهم المازيار حتى وقف على ما في تلك الكهوف والمغائر من الأموال والسلاح والكنوز، فوكل بجميع ذلك قيّما من ثقاته وانصرف. فكان الموضع في يده إلى أن أسر ونزل الموكّلون به أو ماتوا، وانقطع السبيل إليه إلى هذه الغاية.

وذكر سليمان بن عبد الله أن إلى جانب هذا الطاق شبيها بالدكان، وانه إن صار إليه إنسان فلطخه بعذرة أو بشيء من سائر الأقذار، ارتفعت في الوقت سحابة عظيمة فمطرت عليه حتى تغسله وتنظفه وتزيل ذلك القذر عنه. وان ذلك شهر في

<<  <   >  >>