للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشيّة ما لي حيلة غير أنّني ... بلقط الحصى والخطّ في الدار مولع

أخطّ وأمحو الخطّ ثم أعيده ... بكفّي والغزلان حولي ترتع

قلت: ما سمعته، فتضاحك ثم قال: أما سمعت الله عزّ وجلّ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ

أسمعته أم رأيته؟ يا ابن إدريس هذا كلام العرب.

وقال خلف بن تميم: عدنا مريضا فقال رجل ممن كان في البيت:

ناد ربّ الدار ذا المال الّذي ... جمع المال بحرص ما فعل

فأجابه من ناحية البيت:

كان في دار سواها داره ... علّلته بالمنى ثمّ ارتحل

إنّما الدنيا كظل زائل ... طلعت شمس عليه فاضمحل

وقال بعضهم: أحببت جارية من العرب ذات جمال وأدب، فما زلت أحتال في أمرها حتى التقينا في ليلة ظلماء شديدة السواد فقلت لها: طال شوقي إليك، قالت: وأنا كذلك، وإنّما تجري الأمور بالمقادير. فتحدّثنا ثم قلت: قد ذهب الليل وقرب الصبح، قالت: وهكذا تنفد اللذّات وتنقطع الشهوات، قلت: لو أدنيتني منك. قالت: هيهات إني أخاف الله من العقوبات، قلت: فما دعاك إلى الحضور في هذا الموضع الخالي؟ قالت: شقوتي وبلائي. قلت: فما أراك تذكريني بعد هذا، قالت: ما أراني أنساك وأمّا الاجتماع فما أراني أراك ثم ولّت عني وقالت:

أخاف الله ربّي من عذاب ... شديد لا أطيق له اصطبارا

قال: فاستحييت والله ممّا سمعت منها وانصرفت وقد ذهب عني بعض ما كنت أجد بها.

قال: وكان سليمان بن عبد الملك شابّا وضيئا وكان يعجبه اللباس والخمرة، فلبس ذات يوم وتهيّأ ثم قال لجارية له حجازيّة: كيف ترين الهيئة؟ قالت: أنت أجمل الناس. قال: أنشديني على ذلك، فقالت:

<<  <   >  >>