للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا كوفة أمّي ولا بصرة أبي ... ولا أنا يثنيني عن الرّحلة الكسل

وقرئ على باب خان طرسوس:

ما من غريب وإن أبدى تجلّده ... إلّا سيذكر عند الغربة الوطنا

وأسفل منه مكتوب:

أير الحمار وأير البغل في قرن ... في است الغريب إذا ما حنّ للوطن

وقال بعضهم: غرس المشقّة مع دوام الغربة يحبّبان الدعة، وحسن التعب يصيّر إلى محلّ الراحة. وقال بعضهم: اطلبوا الرزق في البعد فإنكم إن لم تغنموا مالا كثيرا غنمتم عقلا كبيرا وأنشد:

لا يمنعنّك خفض العيش في دعة ... حنين نفس إلى أهل وأوطان

تلقى بكلّ بلاد إن حللت بها ... أهلا بأهل وجيرانا بجيران

هذا كما قيل في الأثر: ليس بينك وبين البلدان عداوة، فخير البلاد ما احتملك. وقال بعض المحدثين:

وما بلد الإنسان غير الموافق ... ولا أهله الأذنون غير الأصادق

وقال آخر:

وإذا الديار تنكّرت عن حالها ... فدع الديار وأسرع التحويلا

ليس المقام عليك فرضا لازما ... في بلدة تدع العزيز ذليلا

وقال آخر:

إذا كنت في أرض تكرّهت أهلها ... فدعها وفيها إن رجعت معاد

وقالوا: الراحة عقلة. وقال أحمد بن المعافى:

إنّ التّواني أنكح العجز بنته ... وساق إليها حين زوّجها مهرا

فراشا وطيّا ثمّ قال لها أتّكي ... فقصرهما لا شكّ أن يلدا الفقرا

<<  <   >  >>