وحتى يتسنى رفع مستوى إعداد المعلمين وضمان استمرارهم ونجاحهم وبعيدا عن الاجتهاد الشخصي فإن أي برنامج مستقبلي لإعداد المعلم يجب أن يقوم على أسس علمية وموضوعية قابلة للقياس والتقويم والتأكد من صلاحية المعلمين ومدى قدرتهم على ممارسة ومزاولة تلك المهنة. ولكي يتبوأ المعلم موقعه الأساسي في ميدان المهن الاجتماعية الرفيعة وجب عليه أن يتبع منهجية علمية تتفق وطبيعة مهنته باعتبارها مهنة شريفة وسامية.
إن على مؤسسات إعداد المعلم وتدريبه أن تجري تحليلًا علميًّا دقيقًا لخصائص مهنة التعليم ومتطلباتها، وأن تحدد بدقة المعارف والمعلومات والمهارات والاتجاهات التي يمتلكها المعلم والتي يستطيع من خلالها القيام بالدور الذي تقتضيه مهنة التعليم، ولا ريب أنه إذا توافرت هذه الخصائص في منهجية إعداده فإن من المتوقع أن يكون متفاعلًا مع طلابه قادرا على تحديد الاحتياجات التربوية وتحديد المشكلات والصعوبات التي قد تعترض عمليات التعلم عندهم. وفضلًا عن ذلك تقع على عاتقة مسئولية تصميم البرامج والمشاركة في بناء المناهج والنشاطات التي تتفق ومستوياتهم وفق قدراتهم والفروق الفردية فيما بينهم.
من الثابت أن المعلم له أثر كبير في تربية طلابه، فهو يشكل حياتهم في المستقبل ويجعل منهم لبنات في صرح مجتمع صالح فاضل، وكما ذكرنا آنفا فإن المعلم هو العمود الفقري الذي لا غنى عنه في إنجاز العملية التعليمية، لذا فإن المعلم الذي لم يسبق له الحصول على الإعداد التربوي لا يستطيع أن يوجه العملية التربوية توجيها صحيحًا، حيث إن ذلك يتطلب فهم غاية التعليم والعوامل المختلفة المؤثرة في مسيرته وهو أيضًا لا يستطيع تحريك فاعلية التلاميذ والأخذ بيدهم في طريق النمو إلا إذا فهم طبيعتهم وخصائص نموهم فهما واعيا، كما أنه لا يستطيع إعداد تلاميذ ليكونوا أعضاء نافعين في المجتمع إلا إذا درس حياة الجماعة ومشكلاتها