وقد يجد الصحفي أن أسلوب الإيهام بالعلم، وذكر بعض المعلومات، قد يستدرج المصدر إلى تصحيح تلك المعلومات، والإدلاء بالحقائق. ولكن هذا الأسلوب لا يصلح إلا مع المصادر الحديثة العهد بالصحفيين، أما القدامى والمتمرسون فكثيرا ما يفطنون إلى هذه الحيلة. والحق أن بعض الشخصيات تحاول أن تتظاهر بالعلم، وأنها عالمة ببواطن الأمور، فتدلي بما لديها من معلومات لتصحيح الأخطاء، وهذه فرصة ذهبية للصحفي يستقي منها الأخبار.
والجرأة من صفات المخبر الصحفي والمراسل الناجح. وقد رأينا أن بعض المراسلين العسكريين يغامرون بأرواحهم في سبيل الحصول على الأخبار، ومنهم من يشترك مع فرق الصاعقة والمظليين فيهبطون معهم بالمظلات. وقد يغامر البعض وبنضم إلى بعض الرحالة في رحلاتهم الخطيرة للوصول إلى قمم الجبال أو بلوغ المناطق القطبية، أو عبور البحار والمحيطات في سفن صغيرة مثل السفينة رع وغيرها. وقد تصل الجرأة إلى حد الاختفاء تحت منضدة أو أريكة في المؤتمرات الدولية الخطيرة. ومن المأثور عن الزعيم الألماني المستشار بسمارك أنه كان يفتش تحت مائدة المفاوضات ليتأكد أنه لا يوجد صحفي تحتها. ويروى أن أحد المترجمين الفوريين قد أحس، وهو جالس في كابينة الترجمة بصوت غريب، فالتفت تحت كرسيه، فوجد صحفيا قابعا يستمع إلى كل ما يدور من مناقشات باللغة التي يعرفها، من المترجم الفوري! ومثل هذا العمل لا يستطيع أن يقوم به إلا صحفي يتصف بالمخاطرة والجرأة الشديدة. وفي تاريخ الصحافة أمثلة لهؤلاء الذين وصلوا إلى أسرار المؤتمرات الدولية عن هذا الطريق.
ولا شك أن دقة الملاحظة واستكناه الأحداث وتوقعها، ومراقبة تحركات رجال السياسة والمسئولين، والربط بين الخيوط، وملاحقة أبطال القصة الأخبارية من أهم أساليب الوصول إلى الخبر الخطير. "ففي خلال أزمة ٤ فبراير سنة ١٩٤٢، التي أحاطت فيها الدبابات البريطانية قصر عابدين وأجبرت الملك فاروق على تعيين مصطفى نحاس باشا رئيس للوزراء، كان المندوب السياسي لإحدى الصحف المصرية يوشك أن يأوي إلى فراشه عقب عمل كثير شاق خلال النهار، عندما اتصل به رئيس تحرير الجريدة وقال له: "في الجو إشاعات عن أزمة سياسية" ثم طلب منه أن يتحرى الأمر.