التعليقات غير الناضجة والتي يتضح فيما بعد أنها على غير أساس"، وقد دأبت بعض الصحف على كتابة أوصاف مسهبة لزيارة رئيس الوزراء مثلا لمنطقة معينة، ثم تنشرها فعلا بالعبارات التقليدية المألوفة، ولكن يتضح بعد ذلك أن رئيس الوزراء قد ألغى رحلته، وهنا تقع الصحيفة في خطأ بالغ، ويسخر منها القراء.
حدث مرة أن تناقلت وكالات الأنباء نبأ قالت فيه: "إن سلطان باشا الأطرش قد مات" وتسابقت الصحف المصرية في نشر هذا الخبر، عدا صحيفة الأهرام. فلما سئل أنطون الجميل رئيس تحرير الصحيفة يومئذ عن سبب ذلك أجاب بقوله متهكما: "من لم يمت في الأهرام، فإنه لم يمت"، وبالفعل أذاعت وكالات الأنباء في اليوم التالي خبرا قالت فيه: "إن الذي توفي هو والد سلطان باشا وليس هو سلطان باشا نفسه".
وقد ينجم الخطأ عن اقتباس مغرض يجترأ من حديث أدلى به مسئول، وينتزع انتزاعا قسريا من أجل تاكيد فكرة تريد الصحيفة أن تؤكدها. ولا شك أن الصحف الحزبية تعمد إلى اقتباسات تؤيد وجهة نظرها، وكذلك تفعل الصحف من خلال الإعلام الدولي، وفي خضم الحرب الباردة، بحيث يسوق كل فريق مجموعة من الاقتباسات التي تعزز سياسته.
ولا شك أن تلوين الأخبار، والمبالغة في المواقف، وصياغة الموضوعات الأخبارية بطريقة أدبية، وإثارة شعور القراء من خلال الوصف الذاتي، ويجعل القراء غير قادرين على الفصل بين حدود الحقيقة والخيال. وقد سبق أن قلنا إن جوهر الفن الصحفي يكمن في موضوعيته، أما نشر التقارير الخيالية، والإمعان في الإثارة والمبالغة، فإنه لا يدخل في صميم الفن الصحفي.
ولا ينبغي نشر الأخبار جزافا اعتمادا على أن مبدأ النشر لذاته هو الأساس، وأن وظيفة الصحافة هي محض النشر، ثم تكذيب ما نشر؛ لأن الوظيفة الحقيقية للصحافة هي تحري الدقة في نشر الأخبار.