وهكذا تختلف الصحف من بلد إلى آخر. فبعض الصحف تهتم بالسبق الصحفي أكثر من الدقة والبعض الآخر يهمها الدقة أكثر من السبق الصحفي، فهي تهتم بثقة القراء أكثر ما تهتم بأولوية الخبر في النشر١.
والحالية أو الجدة الزمنية من أهم صفات الخبر الصحفي. فالصحافة تهتم دائما بموضوعات الساعة، أو الماجريات الأخبارية، وكلما كان الخبر جديدا، كان اهتمام القراء به عظيما. وهناك مثل أمريكي يقول:"ليس هناك أقدم من صحيفة الأمس". وقد ساعدت الاختراعات الحديثة على سرعة النشر. فعندما تكون هناك مباراة لكرة القدم تذهب في العادة سيارة إذاعية يصف منها الصحفي المباراة وينقلها في الحال إلى الصحيفة، بل إنها تنقل الصور أيضا عن طريق التليفون، ويستطيع الخارجون من المباراة أن يقرءوا في الصحيفة وصفا دقيقا ومصورا للمباراة التي كانوا يشاهدونها.
ولكن ينبغي أن ندرك أهمية معالجة الموضوعات القديمة معالجة جديدة. فظهور وثيقة من الوثائق التاريخية التي تغير فهم الناس للتاريخ والحقائق، كما فعل الاتحاد السوفييتي عند نشره للمعاهدات السرية في الحرب العالمية الأولى يعتبر تجديدا والتزاما بمبدأ الحالية أو الجدة.
وكما أن الخبر لا بد وأن يكون قريبا من حيث الزمان، فإنه لا بد وأن يكون قريبا من حيث المكان. فمن الثابت أن أحداثا تقع في مصر تهم المصريين أكثر مما تهم سكان أمريكا الجنوبية مثلا، والعكس صحيح. ويذهب بعض الصحفيين في ذلك إلى حد القول بأن حادثا لسيارة أو قطار في المدينة يظفر بالنشر أكثر من مذبحة أو حرب في الهند، بالرغم من أن ضحايا الحادث يعدون على الأصابع، في حين أن ضحايا المذبحة أو الحرب يعدون بالآلاف!
غير أن القرب ليس مكانيا فحسب، وإنما هو قرب نفسي بالدرجة الأولى. فما يحدث لطلبتنا في الخارج قريب إلى نفوسنا، ولذلك يظفر بالنشر، وما يحدث لسفير من سفرائنا في الخارج، مهما بعدت المسافات، يتصل بحياتنا ويصبح
١ دكتور محمود فهمي، الفن الصحفي في العالم "١٩٦٤" ص٦١، ٦٢.