والصور لخدمة هذه الأغراض وترتب الحقائق من أجل تحقيق نجاح الحملة، بل إن المقابلات والأحاديث نفسها تخطط لنفس الغرض. وحتى الصور والألفاظ وأسلوب الكتابة تعمل متضافرة لإبراز موضوع الحملة الصحفية وضمان نجاحها.
غير أن التحقيق الصحفي الأصيل ينطوي على روح الدراسة والبحث. فقد تكون الدراسة لشخصية من الشخصيات فتصبح بمثابة تحليل للجوانب النفسية لشخصية عظيمة أو مشهورة يهتم بها الرأي العام، ولا تكون الشخصية معاصرة بالضرورة، فقد يكتشف الصحفي جوانب جديدة، ومعلومات غير معروفة عن زعيم عاش منذ سنين طويلة كأحمد عرابي أو مصطفى كامل، أو نابليون بونابرت أو حتى قدماء المصريين بعد اكتشاف جديد لمقابرهم ومعابدهم.
وحتى تحقيقات المناسبات في المواسم الدينية والقومية يمكن أن تتخذ بفضل ذكاء الصحفي وفطنته زوايا جديدة للدراسة تلقي أضواء مشوقة على الموضوعات المألوفة. وهنا أيضا تلعب المراجع والكتب والقصاصات والصور والمقابلات دورا رئيسيا في إنتاج التحقيق الصحفي الناجح. ولا شك أن روح الدراسة واكتشاف الجديد هي التي تمكن الصحفي من تحويل موسم الامتحانات، وموسم افتتاح المدارس، وموسم الإجازات -رغم تتابعها العادي الرتيب- إلى موضوعات طريفة جذابة، بشرط اختيار الزاوية الجديدة.
ويستغل المعلنون فن التحقيق الصحفي لترويج سلعهم وخدماتهم، عن طريق التحرير الناجح والصياغة المشوقة، والعناوين المغرية، والصور الجذابة. وكثيرا ما يتخذ الإعلان شكل القصة أو الوصف، كما يستخدم العبارات الموحية، غير أننا نرى أن الإعلانات التي تتخذ شكل التحقيق الصحفي تعتمد على دراسة الدوافع الإنسانية، كما أنها تستغل حاجة الإنسان المعاصر إلى المعرفة السريعة، لإشباع فضوله والتأثير عليه.
والحقيقة أن التحقيقات الصحفية لا تنقسم إلى أنواع محددة؛ لأنها تتداخل تداخلا يجمع بين أهدافها وفنونها، ولذلك فإن الخيط الفاصل بينها خيط وهمي رفيع، فكثيرا ما نجد التحقيق الصحفي إعلاميا ومشوقا وتوجيها وتفسيريا في وقت واحد. وثمة نزعة جديدة في التطبيق العملي لإنتاج التحقيق الصحفي وهي تجنيد فريق كبير من الصحفيين والمصورين للعمل معا لإنجاز تحقيق واحد، وخاصة عندما تكون المشكلة ذات صفة عاجلة أو متعددة الجوانب أو مترامية الأطراف. وهنا تتحقق مرة أخرى صفة الموضوعية التي لا بد وأن يتصف بها التحقيق الصحفي.