أربع وعشرين ساعة. وهذا التكرار مع الانتظام له أثره العميق على الأفهام والنفوس. فتستطيع الصحف أن تتناول نقطة واحدة من الموضوع كل يوم، إذا ما أرادت أن تعالج موضوعا من الموضوعات، فتكون على صلة مستمرة بالقراء، وتستطيع أن تحقق أهدافها وغاياتها. وقد شبه البعض هذا التأثير بقطرة الماء التي تستمر في السقوط على صخرة، ولا بد لها في النهاية أن تفتتها وتصل إلى أغوارها. وهكذا يرتبط عنصر الدورية بعنصر آخر لا يقل أهمية، ألا وهو الاستمرار.
ومع ذلك، فلبعض الدوريات الأسبوعية شأنها الخطير، فالدوريات الأسبوعية يتوفر لديها الوقت الكافي لتعمق الموضوعات ومعالجتها بطريقة علمية، مقترنة بالفن الصحفي والاهتمام الإنساني، مع الاستعانة بفنون الطباعة الحديثة كالعناوين والصور والرسوم والألوان، وفنون المسرحة والتجسيد والتبسيط، والمعالجة الواعية لنفسية الجماهير، وذلك بمصطلحات الخبرة المباشرة، مع الابتعاد بقدر الإمكان عن التجريد والأكاديمية. فإذا قيل أن ثقافة الكتب ثقافة رأسية، فإن ثقافة الصحف ثقافة أفقية، تتوخى الانتشار العريض بين سائر فئات الشعب، ومن هنا يكتب لها الذيوع والانتشار، وهما من أهم خصائص التأثير في الرأي العام.
فالفن الصحفي هو طريقة تفكير ورؤية خاصة متميزة للحياة، فالصحفي ينظر دائما إلى جمهوره، ويقرر إذا ما كان قادرا على فهم ما يقول أو غير قادر على ذلك، وهو لذلك يضفي على عمله الفني أبعادا ما كان ليضفيها عليه، ولولا هذه النظرة العملية للجمهور. إن الفن الصحفي هو جعل الأحداث والمعلومات والثقافة بل والفلسفة والعلم في متناول الجميع، بطريقة واضحة مشوقة درامية. وقد فطنت الحكومات إلى خطورة هذا الفن، وأخذت تستغله لترويج المفاهيم الجديدة والمذاهب الحديثة بين الجماهير.
فالفن الصحفي، بدوريته وعموميته وشموله واستمراره، يضفي على أحداث العالم اهتماما إنسانيا بطريقة تثير الجمهور، وتشحذ قواه، وتملك