وغيرها. على أن بعض الصحف تظن واهمة أن القراء يهتمون بحوادث القتل والجريمة والأخبار التافهة الغريبة أكثر من اهتمامهم بالموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وغيرها، ولكن هذا الوهم يتبدد يوما بعد يوم.
وليس معنى ذلك أن تنشر الصحف موضوعات علمية جافة أشبه بالرسائل العلمية أو تقارير اقتصادية وسياسية معقدة كتلك التي تكتب للخبراء والمسئولين، وإنما الفن الصحفي الحقيقي -كما رأينا من قبل- هو القدرة على تحويل تلك الموضوعات الهامة ذات المغزى الحقيقي، وذات الدلالة والخطر إلى موضوعات صحيفة جذابة، سهلة القراءة ومحببة إلى النفوس، ولا يتأتى ذلك -بطبيعة الحال- إلا بتضافر فنون الإخراج والتحرير والتصوير جميعا.
وقد كان من الطبيعي أن تتأثر الصحافة بعلم النفس الحديث وتنتفع بأبحاثه ونتائجه كما تأثرت به سائر العلوم والفنون الأخرى. ولا شك أن الفن الصحفي يعتمد على أسس نفسية ودراسات تجريبية في هذا المضمار. ومن أهم العوامل النفسية المؤثرة في الصحافة: السن واتجاهات الرأي وأذواق القراء وعقلية الجماهير وثقافتهم والعادات القرائية ودور الألوان في التأثير والتبسيط والإقناع.
فالشيوخ مثلا يفضلون الإخراج التقليدي العمودي المحافظ، في حين أن الشباب يميلون إلى الإخراج الأفقي الانسيابي، المدعم بالصور والألوان، وهذه في نظر الشيوخ بدع لا داعي لها، ويعلق أرنولد على اتجاه الصحافة المحافظة إلى الهجوم على التليفزيون والسينما واعتبارهما عوامل هدم الصحافة قائلا إنه بدلا من الشكوى والشتم والتهجم ينبغي على الصحافة أن تدرس كيف تجتذب الشباب والأطفال بالفن الصحفي الناجح، الذي لا يقوم على تقليد السينما أو محاكاة التليفزيون، وإنما بإنشاء فن صحفي مستقل قائم بذاته له القدرة على التأثير الإيجابي الفعال.
وقد درجت الصحافة الحديثة على سبر غور الرأي العام وقياسه ومعرفة اتجاهاته نحو الموضوعات المختلفة التي تنشر، وينبغي أن تتكرر عملية قياس اتجاهات الرأي العام وتعديل السياسة الإخراجية بناء عليها. كما تختلف أذواق