بلا ضابط فإن الصحيفة تفقد توازنها وتأثيرها. فالموسيقى الجميلة تبدأ هادئة وتحمل مشاعر المستمع في شوق حتى النهاية ويمكن حينئذ الارتفاع بطبقة النغم، أما إذا بدأت صاخبة واستمرت صاخبة فيستحيل الوصول بها إلى مواضع التأكيد والإبراز وغيرها. والطبيعة نفسها لا تسرف في الألوان. فقوس قزح لا نراه إلا نادرا، وإلى جانب كل زهرة زاهية اللون ملايين الزهور العادية والأوراق الخضراء. ولو طغت الزهور الزاهية على غيرها لما لفتت أنظارنا، وكذلك الألوان في الصحافة تفقد قيمتها عند الإسراف في استعمالها.
ويعنى المخرج الصحفي كذلك بالارتباطات النفسية للألوان. فهو يعلم مثلا أن الألوان الحمراء والبرتقالية تنم عن معاني الدفء والعاطفة والحرب والخطر وغيرها. فالدم والنار لونهما أحمر. والشمس، وهي مبعث الدفء والضوء والحياة، كرة ملتهبة وضاءة غنية بالألوان الحمراء والبرتقالية. فلا غرابة، إذن، أن ترتبط الألوان الحمراء والصفراء والبرتقالية بالعاطفة والدفء والحياة. أما الألوان الزرقاء فتنم عن الهدوء والسكون والبرودة. فالماء لونه مائل إلى الزرقة وكذلك السحاب. فإذا اردنا استعمال الألوان في إعلان عن الثلاجات مثلا، وجب أن يكون اللون مائلا إلى الزرقة. أما إعلانات المدافئ مثلا فتناسبها الألوان الحمراء والصفراء والبرتقالية. والألوان البيضاء والزرقاء والخضراء تنم عن الطهر والنقاء، بينما تعبر الألوان الأرجوانية عن الخصوبة والرخاء. ولكن لا ينبغي أن يعتبر المخرج الصحفي هذه الارتباطات قوانين قاطعة بل لا بد أن يجرب ويختبر بنفسه.