دراسة وفحص دقيق لكثير من اللقطات. ولا بد كذلك من جعله يشعر أن كل صورة تملأ في الجريدة مكانا بحث أمره بعناية. ويجب ألا يساوره إطلاقا الشعور بأن الصور هي لسد الفراغ ليس إلا، وإنها زرعت كيفما اتفق في مختلف الصفحات. وقد قلنا إن تفاصيل الصورة لا بد وأن تؤكد الفكرة المحورية، ولا يجوز التقاط التفاصيل التي تشتت الذهن، كما ينبغي الابتعاد عن الصورة الجامدة المصطنعة المتكلفة.
ويراعى دائما أن يكون الموضوع الرئيسي للصورة في محورها البصري، وبهذه الطريقة تبقى عين القارئ مثبتة على موضوع التأكيد والإبراز؛ إذ إن شرود عين القارئ إلى جنبات الصفحة وتشتيت ذهنه إلى نواحي أخرى يعد ضعفا في التصوير. وتستخدم عوامل التباين في الحجم والضوء لإبراز الموضوع الرئيسي. فإذا كانت ربة البيت ذات الذوق السليم قلما تفرش غرفة ما بأثاث أحمر اللون كليا مع "ديكور" أحمر كليا، وإنما تبذل جهدها لتحقيق مجموعات لونية متناسقة جذابة، فإن هذا المبدأ ينطبق أيضا على التصوير حيث لا يمكن للستارة البيضاء أن تقدم تباينا يذكر لصورة رجل بملابس فاتحة اللون.
والوضوح من خصائص الصورة الصحفية، كما هو من خصائص الأسلوب الصحفي، فيجب على الصحفي أن يبدد كل شك أو لبس في المعنى المقصود. وهذا الوضع ينطوي على صعوبة خاصة عندما يقتضي الأمر إظهار شخص في صورة ما ومعه شيء صغير الحجم كقطعة مجوهرات مثلا. فالموظف الكبير الذي يهدى في حفل تكريمه، بمناسبة إحالته إلى المعاش، دبوسا ذهبيا، يجب ألا يظهره المصور وهو يحمل الدبوس لأن حجمه ولونه يجعلان ظهوره شيئا يقرب من المستحيل. وهنا يجب على المصور أن يلتقط صورة لشخص آخر يعلق له الدبوس في رابطة عنقه مثلا أو يقوم بأي حركة تنفق بتقديم الدبوس إليه في علبة فاخرة. وينبغي على المصور أيضا أن يتجنب ظهور أشخاص ثانويين بوجوه جانبية أو بأجزاء من وجوههم. فالهاوي هو الذي يجعل رءوس الجالسين في الصف الثاني ظاهرة في الصورة، أما المصور المحترف فلا يمكن أن يرتكب مثل هذا الخطأ. ولتقدير الفرق بين التصوير الفني الرفيع وعمل الهواة العاديين،