يمكن مقارنة الصور في صحيفة بارزة كبرى بالصور في صحيفة مدرسية أو غيرها من المطبوعات التي يفتقر فيها المصورون إلى الخبرة والموهبة.
والدقة من أهم خصائص الصورة الصحفية وأصعبها، فلقد ولت أيام اللقطات المصطنعة والصور الزائفة، أما الصورة الجيدة فهي التي تنطوي على الواقعية والصدق، ويجب أن تبدو كأنها التقطت دون إنذار مسبق، أي أن المصور التقطها في اللحظة المناسبة تماما. إلا أن خاصية الدقة والصدق عسيرة التحقيق في الحالات التي تقتضي تصوير المواطن العادي. ومن الأمثلة على ذلك حالة زوجين مغمورين ربحا خمسة آلاف جنيه من شهادات الاستثمار وأرادت الصحيفة أن تنشر لهما صورة على ثلاثة أعمدة تعبر عن فرحتهما، ففي هذه الحالة يضطر المصور إلى أن يمضي ساعات دون أن يحصل على لقطة صالحة للنشر الصحفي إذا لم يكن الزوجان من أصحاب المواهب التمثيلية -ونادرا ما يكونان كذلك. وهكذا كم يتمنى المصورون المحنكون المنتدبون للقيام بمثل هذه المهمة أن يكون يومهم ذاك يوم عطلتهم الأسبوعية١.
وينبغي كذلك أن يكون الصورة متفقة مع سياسة الصحيفة، فهناك صحف تنشر أخبار الطلاق مثلا على الصفحات الأولى مدعمة بالصور. في حين أن صحفا أخرى لا تنشرها إلا في صفحاتها الداخلية أو لا تنشرها إطلاقا. والصورة الصحفية الناجحة هي التي تثير انتباه القارئ، وتجعله يهتم بمحتوياتها دون أن تؤذي الذوق السليم. فالصور الفاضحة، وصور القتلى والجرحى والمشوهين تبعث على الاشمئزاز والنفور، والصحفي الناجح هو الذي يشعر بمسئوليته الكبرى إزاء الرأي العام وسلامة المجتمع الذي يعيش فيه.
وقصارى القول، أن فن التصوير الصحفي الحديث ينبذ الأخيلة والأحلام ويتشبث بالواقع، أما الصور الخيالية فقد يكون مكانها معارض الفنون دون الصحف؛ لأن الصحافة تهتم بأمور الحياة اليومية الواقعية، فالصورة الصحفية
١ توماس بيري، الصحافة اليوم ترجمة مروان الجابري "١٩٦٤" ص٥٢٥-٥٢٨.