الحمد لله، فاتحة كلّ خير، وتمام كلّ نعمة، أحمده سبحانه وتعالى حمدا طيّبا مباركا فيه، وأصلّي وأسلم على سَيِّدنا محمد، أفصح العرب لسانا، وأبينهم حُجّة، وأقومهم عبارة، وأرشدهم سبيلا، صلى الله عليه، وعلى آله الطاهرين، وصحابته أجمعين.
أمّا بعد، فإنّ مجال العمل المعجميّ يعدّ من أهم مجالات النشاط اللّغويّ وأصعبها؛ ويقتضي مواصفات خاصّة في روّاده؛ في مقدّمتها الدّقة والأناة والصّبر. ولنا أن ننظر -اليوم- إلى جهود علمائنا القدامى في صناعة المعاجم، وما خلّفوه لنا من تراث معجميّ زاخر لنرى ما عانوه من نَصَبٍ بالغ، وما بذلوه من دقّة متناهية في الجمع والاستيعاب، وفي التّنظيم والتّبويب؛ وما وَفّروه لهذا الأمر المهم من أسباب النّضج والنُّجْح ما كفل له أن يتصدّر قمة نشاطاتهم اللّغوية؛ فصفت لنا بذلك موارد اللّغة وحُفظت أصولها، وما ترمي إليه من صحاح المعاني، ودقائق الدّلالات.
ولمّا كان جمهور المشتغلين بعلوم العربيّة في شتّى فنونها ومناحيها لا يستغنون عن الرّجوع إلى هذا الضّرب من المؤلفات؛ فقد استمرّت جهود العلماء، وتضافرت في هذا المجال، وتعاقبت، وامتازت بالشّمول