إن تعميم هذه المدرسة، لتشمل المدارسَ الثلاثةَ، يمكن أن يكون أمراً مفيداً، ولكنه لا يخلو من عقبات منهجية؛ ذلك أنَّ ثَمَّ فروقاً كبيرة بين المدارس المعجمية الثلاث في نُظُم الترتيب؛ على نحو ما وَضَّحت في المبحث السابق؛ فالفرق بين مدرستي التقليبات والقافية أن الأخيرة أساسها في ترتيب المعجم هو الأصول (الجذور) بصرف النظر عن اعتبارات الإعلال أو القلب أو الإبدال أو الحذف أو التعويض أو التضعيف أو الإدغام؛ بينما لم تكن الأصول (الجذور) الأساسَ الوحيدَ في نظام مدرسة التقليبات وترتيبها؛ بل إنهم طوَّعوا الأصول، وأخضعوها لخدمة نظام التقليبات؛ فليس في كل مرةٍ تراعى الأصول.
ولا أدل على ذلك من الباب الأول في جميع معاجم التقليبات، التي بين أيدينا؛ وأعني به (باب الثنائي) إذ وضع فيه - خلا الثنائي- الثلاثيُّ المضعف والرباعي المضاعف وهما ليسا منه بالنظر إلى الأصول.
وأُوردُ بعض الأمثلة مما جاء في باب الثنائي من (باب العين) نحو: العِقَّة والعَقيقة والعَقْعَقَةِ، والعُكَّةِ والعَكْعَكَةِ وعَكَكْتُه، وكَعَّ كَعاً والكَعْكَعَة، وعَجَّ العَجُّ والعَجَّاجُ والعَجْعَجَةِ، وجعَّ يَجُعُّ والجَعْجَعَةِ، وعشَّ يعُشُّ والعَشْعَشَةِ، وشَعَّ الشُّعاعُ والشَّعْشَعَةِ، وعضَّ يعضُّ والعَضْعَضَةِ،