للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: ما تقارب فيه الأصلان فتداخلا]

...

أكثر الحروف فكثيرمنه قولهم: سَبِطٌ وسِبَطْرٌ؛ فهذان أصلان لا محالة؛ ألا ترى أنّ أحداً لا يدَّعي زيادة الرّاء، ومثله سواء: دَمِثٌ ودِمَثْرٌ، وحَبِجٌ وحِبَجْرٌ"١.

وكان - رحمه الله - يَرُدّ على بعض العلماء؛ لجعلهم بعض ما جاء من هذا أصلاً واحداً؛ كالّذي روي عن ثعلب ٢؛ وهو أنَّه كان يرى أنّ الباء في (زَغْدَبٍ) زائدة في قول العجّاج:

يَرُدُّ قَلْحاً وَهَدِيراً زَغْدَباً ٣

لأنّه أخذه من: زَغَدَ البعيرُ زَغْداً؛ إذا هَدَرَ. فقال ابن جنّي في ردّه: "وقوله: إنَّ الباء زائدة كلام تمجّه الآذان، وتضيق عن احتماله المعاذِير"٤.

وإنّما حَمَلَ ابنَ جنّي على هذا القول أنَّ الباء ليست من حروف الزّيادة؛ فوزن الزَّغْدَبِ على مذهب ثعلب: (فَعْلَبْ) .

وقاعدة ابن جنّي فيما كان من غير حروف الزّيادة؛ كالرّاء في (سِبَطْرٍ) والباء في (ثَعْلَبٍ) و (زَغْدَبٍ) ونحوه سليمة مطّردة؛ وهو شِقٌّ من القاعدة، وذاك أن يكون الحرف من غير حروف الزّيادة.

غير أنّ القاعدة عنده - رحمه الله - لم تكن في شقِّها الآخر بذلك


١ الخصائص٢/٤٩، والحَبج والحِبَجْر: المنتفخ السّمين، أو الوتر الغليظ. ينظر: اللّسان (حبج) ٢/٢٢٥، و (حبجر) ٤/١٦٢.
٢ ينظر: المبهج١٥٤.
٣ ينظر: ص (١٩٩) من هذا البحث، وفيه اختلاف في الرواية هناك.
٤ الخصائص٢/٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>