للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّالثُ: مقاييس التَّفريقِ بينَ الأُصُولِ

تتفاوت الأصول في تداخلها بين الوضوح والغموض؛ وثَمَّة كلماتٌ تعمِقُ وتَدِقُّ؛ فتخفى أصولها - أوَّلَ وهلةٍ - على المختصِّين، وعلى أكثر العلماء دُربةً ودرايةً بأصول العربيَّة.

ومن هنا نشأت الحاجة في وقتٍ مبكِّرٍ إلى وضع مقاييسَ للتَّفريق بين الأصول؛ فجاءت في إشارات متفرِّقة في كتاب سيبويه، ومن جاء بعده، ثمَّ جُمعتْ على أيدي بعض العلماء، بعد القرن الرَّابع؛ فأوجزوها في سبعة أدلَّةٍ أو ثمانية١. وفيما يلي بيان لأهم الأدلَّة أو المقاييس، وتفصيلٌ لما استُنبط، أو جُمع ممَّا تناثر من كلام الأئمّة المتقدِّمين.

أوَّلاً- الاشتِقَاقُ:

يُعدُّ الاشتقاق من أهمِّ المقاييس أو الأدلَّة الّتي تُمَيَّزُ بها الأصول؛ بعضُها من بعضٍ، إن لم يكن أهمَّها على الإطلاق. والّذي أثبته الجمهور هو الاشتقاق الأصغر؛ وهو شقُّ كلمة من كلمةٍ، مع الحفاظ على أصلَي اللّفظ والمعنى، وترتيب الحروفِ؛ كَضَرَبَ يَضْرِبُ فهو ضَارِبٌ لا مَضْرُوبٌ من (الضَّرْبِ) ودَحْرَجَ يُدَحْرِجُ فهو مُدَحْرِجٌ لا مُدَحْرَجٌ من (الدَّحْرَجَةِ) .

وكان سيبويه يأنس بالاشتقاق، وكثيراً ما يعوِّل عليه في التَّعرِّف على الأصول، وتمييزها من الزَّوائد؛ كقوله: "وممَّا جعلتُه زائداً بثبتٍ:


١ ينظر: المنصف١/١٦٦،١٦٧، والتبصرة والتذكرة٢/٧٨٨، وشرح الكافية الشافية٤/٢٠٤٥، وشرح الشافية للرضي٢/٣٣٤، والمساعد٤/١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>