للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا ما أورده في الخماسيّ المنحوتِ فمن القلة بحيث يصعب تقنينه.

ولعل مذهب ابن فارس في النحت لم يَذِعْ؛ أو يلقَ قبولاً لدى معاصريه من القدامى؛ فلم أجد من حفل به من اللغويين والصرفيين والنحاة، أو أخذ به سوى ما كان من تخريج بعضهم الكلمةَ أو الكلمتين على مذهبه؛ كالثعالبي١ الذي جعل (الصَّلْدَمَ) من (الصَّلْدِ) و (الصَّدْمِ) والصَّهْلِقَ من (صَهَلَ) و (صَلَقَ) والتبريزي الذي ذكر أنَّ كلمة (ادْلَهَمَّ) مشتقة من (دَلَمَ) و (دَهَمَ) وذكر أنَّ (الشَّمَيْذَرَ) منحوتة من (الشَّمْذِ) و (الشَّذْرِ) ٢وقد خالفَ ابنَ فارسٍ٣ في ذلك.

وذكر بعضهم أنَّه وُجِدَ في القرن السادس مَن نحى مَنحَى ابن فارس في الأصول الرّباعيّة والخماسيّة؛ وهو الحسن بن الخَطِير المعروف بالظَّهير (ت ٥٩٨هـ) فقد ذكر ياقوت أنه سئل عما وقع من ألفاظ العرب على مثال (شَقَحْطَبٍ) فأجاب بأن ذلك يسمى في كلام العرب المنحوتَ؛ وفسره بأن معناه أن الكلمة منحوتة من كلمتين؛ كما يَنحت النجار خشبتين، ويجعلهما واحدة، فـ (شَقَحْطَبٌ) منحوت من (شِقٍّ) و (حطبٍ) .

قال ياقوت: "فسأله البُلْطِيُّ٤ أن يثبت له ما وقع من هذا المثال؛ ليعول في معرفتها عليه؛ فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حفظه، وسماها


١ ينظر: فقه اللغة٤٢١، ٤٢٢.
٢ ينظر: شرح الحماسة٢/١٤٧.
٣ ينظر: المقاييس ٣/٢٧٣.
٤ هو: أبو الفتح عثمان بن عيسى النحوي البُلْطي، لغوي نحوي، شيخ الديار المصرية (ت ٥٩٩هـ) . ينظر: معجم الأدباء ١٢/١٤١-١٦٧، وبغية الوعاة ٢/١٣٥، ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>