ثالثها: أنَّه رأى أنَّ حكم المزيد على المضاعف لا يكاد يختلف؛ فقلَّما يوجد في المضاعف معنىً إلاَّ وفي المزيد مثله أو ما يقاربه.
رابعها: أنَّ زيادة حرف على المضاعف أليق بحكمة الواضع في التفنّن في نقصه؛ إذ لو جعلتَ السالم أصلاً لزم منه العدول من الكمال إلى النُّقصان. والاختصار في الأفعال ليس من مذهب العرب؛ كما يدلُّ على ذلك الأفعال المزيدة. زد على ذلك أنَّهم يشبعون الفتحة في آخر الفعل؛ فيتولد منها ألف كما في (سَلَقَ) و (سَلْقَى) .
خامسها: وجود أفعال مجهولة الأصل، وأصلها من المضاعف معلوم نحو (امْتَخَرَ) العظم، أي: استخرج مخّه؛ فلا بدّ أن يكون من (امْتَخَّ) إذ لم يجئ (المُخْرُ) .
ومن دعاة الثُّنائيّة المتحمِّسين لها (جُرْجي زَيْدان) الَّذي كان يقول: "إن الألفاظ المانعة الدَّالة على معنىً في نفسها يُردُّ معظمها - بالاستقراء - إلى أصول ثنائية (أحاديَّة المقطع) تُحاكي أصواتاً طبيعيَّة ... واللُّغويون يردّون كلاًّ من الاسم والفعل إلى أصول معظمها ثلاثيَّة، وبعضها رباعيَّة، ولا يرون هذه الأصول قابلة للرَّد إلى أقلَّ من ذلك، وعندي أنَّها قابلة ولو بعد العناء"١.
ومثّل لذلك بـ (قَطَفَ) و (قَطَبَ) و (قَطَعَ) و (قَطَمَ) و (قَطَلَ) وذكر أنَّها جميعاً من أصل ثُنائي واحد؛ وهو (قَطَّ) لأنَّها تتضمن معناه.