للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَرْمَرْجي الدُّومنكيّ، اللّذين بالَغَا في نظرتهما إلى النَّحت؛ حين أعادا بعض الكلمات الثُّلاثيَّة إلى كلمتين ثنائيَّتين، أو ثلاث كلمات ثنائيَّة.

فقد كان جُرجي زيدان١ يرى أنَّ (قَطَفَ) الَّتي تفيد القطع والجمع منحوتة من (قَطَّ) و (لَفَّ) فتدلُّ الأولى على القطع، والثَّانية على الجمع، وأهملت اللاَّم لكثرة الاستعمال.

وذكر أنَّ (قَمَشَ) بمعنى: جمع ما على الأرض من الفُتات تردُّ إلى أصلين؛ هما (قَمَّ) و (قَشَّ) فالأولى بمعنى (كَنَسَ) والثَّانية بمعنى (جَمَعَ) . وتقدَّم أنَّ الدُّومنكيَّ٢ كان يرى أنَّ كلمة (نَهْرٍ) منحوتة من ثلاث كلمات: وهي (نَهْ) و (نَرْ) و (هَرْ) .

وما ذهبا إليه تكلُّفٌ لا دليل على صِحَّتِه، ولم يرضَ عنه كثير من الباحثين؛ ومنهم: الدّكتور صُبحي الصَّالح؛ الَّذي قال: "ولا ينادي بمثل هذا الرأي؛ على ذاك النَّحو من الغلوِّ؛ إلاَّ مُولَعٌ بضروب الاشتقاق؛ مأخوذٌ بما في الألفاظ من دِلالةٍ سحريَّةٍ؛ مؤمنٌ بأنَّ السَّوابق واللَّواحق بقايا كلمات قديمةٍ مستعلمة، ولكنَّ الغلوَّ في الاشتقاق والنَّحتِ لا يأتي بخيرٍ"٣

وبعدُ؛ فالرأي - بعد أن سقنا آراء القدامى والمتأخِّرين - ما ذهب إليه جُمهور اللُّغويِّين البصريِّين؛ كسيبويه، والمازِنِيِّ، والفَارِسِيِّ، وابنِ جِنِّي، وابنِ سِيدَه، ومن تابعهم من القدامى والمتأخِّرين؛ وهم أكثرُ أهل


١ ينظر: الفلسفة اللغوية٧٦.
٢ ينظر: معجميّات٩٧.
٣ دراسات في فقه اللّغة١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>