للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقصًى١. ولا أدري هل أنجز وعده أو حيل بينه وبين إنجازه؟

ويعدُّ ابن سيده من أعظم من فكَّ تداخل الأصول بالتَّفريق بين الواويّ واليائيّ في المعتلاَّت؛ وبذل جَهداً يشكر عليه في سبيل ذلك؛ إذ جعل لكلٍّ منهما باباً مستقلاًّ في معجمه الكبير (المحكم والمحيط الأعظم) .

وحاول بعض المعجميِّين بعد ابن سيده أن يستفيدوا من جهده، وعلى رأس هؤلاء: الفيروزآباديُّ في (القاموس المحيط) وكان يفخر بمحاولته تخليص الواويِّ من اليائيِّ بقوله: "ومن أحسن ما اختصَّ به هذا الكتاب تخليص الواو من الياء؛ وذلك قسم يَسِمُ المصنِّفين بالعيِّ والإعياء"٢.

بيد أنَّ عمل الفيروزآباديِّ اقتصر على تمييز الأصلين؛ وهما في مكانهما في بابٍ واحدٍ، واكتفى بوضع حرف (و) أمام الواويِّ، وحرف (ي) أمام اليائيِّ، ووضع الحرفين أمام ما جاء بالواو والياء، ولو جعل كلاًّ منهما في باب مستقل لكان أحسن، وأدقَّ في الصَّنعة المعجميَّة.

ولم يكن صنيع ابن سيده في التَّفريق منقبة في نظر أحد المعجميِّين الكبار؛ وهو ابن منظور؛ الّذي اختار منهج الجوهريِّ، ودافع عنه، وفي المقابل أبدى نقداً لمنهج ابن سيده بقوله: "وأمَّا ابن سيده وغيره فإنَّهم جعلوا المعتلَّ عن الواو باباً، والمعتلَّ عن الياء باباً؛ فاحتاجوا فيما هو معتلٌّ عن الواو والياء إلى أن ذكروه في البابين؛ فأطالوا وكرَّروا، وتقسَّم الشَّرح


١ ينظر: سر الصِّناعة ٢/٦٠٦.
٢ القاموس ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>