للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على ذلك ـ أيضاً ـ كثرة ما يوجد من الهفوات أو السهو فيه لجلِّة العلماء؛ ألا ترى ما حكي عن أبي عبيد القاسم بن سلام من أنه قال في (مَنْدُوحَة) من قولك: ما لي عنه مندوحة؛ أي: متسع: إنها مشتقة من (انداحَ) ؟ ١

قال ابن عصفور:"وذلك فاسد؛ لأن (انداح) : (انفَعَلَ) ونونه زائدة، ومَنْدُوحة: (مَفْعُولة) ونونه أصلية؛ إذ لو كانت زائدة لكانت (مَنفُعْلَة) وهو بناء لم يثبت في كلامهم؛ فهو على هذا مشتق من النَّدْحِ؛ وهو جانب الجبل وطرفه؛ وهو إلى السَّعَة"٢.

ومن ذلك أن المازني سأل ابن السكيت في مجلس المتوكل بقوله: "يا أبا يوسف، ما وزن (نَكْتَل) من قوله تعالى: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ} ٣؟ " قال له: " (نَفْعَل) ". قال ابن سيده ـ في تمام الرواية: "وكان هنالك قوم قد علموا هذا المقدار؛ ولم يؤتوا من حظ يعقوب ـ في اللغة ـ المِعشار، ففاضوا ضحكاً، وأداروا من الهزء فَلَكاً، وارتفع المتوكل؛ فخرج السّكّيتي والمازني؛ فقال ابن السكيت: "يا أبا عثمان؛ أسأت عِشْرتي، وأَذْوَيْتَ


١ ينظر: التهذيب (ندح) ٤/٤٢٤.
٢ الممتع ١/٢٩.
٣ سورة يوسف: الآية ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>