للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو عليّ الفارسيّ١ يرى هذا - أيضاً - ويستدلّ له بغير ما استدلّ به سيبويه؛ وهو قولهم: أرضٌ مُحْيَاة، ومُعْفَاة؛ أي: كثيرة الحَيَّات والأفاعي.

على أنّه ليس في قولهم: رجلٌ حَوَّاءٌ - وهو: الّذي يجمع الحيّات - دليلٌ على الواو عند أبي عليّ٢؛ لأنّه غير مأخوذ من (الحَيَّة) ولكنّه من (حَوَيْتُ) فهما أصلان تقاربا في ألأصل والمعنى؛ كـ (سَبِطٍ وسِبْطَرٍ) و (دَمِثٍ ودِمَثْرٍ) فكما أنّ لفظ (لأّالٍ) بالهمزة المشددة الممدودة، وهو: بائع اللّؤلؤ – ليس من لفظ (لؤلؤ) كذلك (حَيَّةٌ) و (حَوَّاءٌ) فكلٌّ منهما أصلٌ مستقلٌّ.٣

على أنّ ما ذهب إليه أبو عليٍّ في (حَوَاءٍ) ليس قولاً قاطعاً؛ فهو يحتمل الأصل الآخر؛ بخلاف (لؤلؤٍ) و (لأّالٍ) فهما أصلان لا محالة؛ لأنّ أحدهما رباعيٌّ، والآخر ثلاثيٌّ، وأمّا (حيّةٌ) و (حوَّاءٌ) فهما من الثّلاثيّ، وانقلاب حروف العلّة بعضها عن بعضٍ كثيرٌ.

وذهب أبو حاتمٍ السِّجِستانيُّ إلى أنّ أصلها (ح وي) مستدلاًّ بالمعنى؛ وهو تحوِّي الحَيَّة في لِوائها، وبقولهم: رَجُلٌ: حَوَّاءٌ وحَاوٍ٤.


١ ينظر: البغداديّات ٢٣٠، ٢٣١.
٢ ينظر: البغداديات ٢٣٢.
٣ ينظر: سرّ الصّناعة ٢/٧٣٠.
٤ ينظر: المحكم ٤/٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>