للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربّ قائل يقول: إنّه ليس في قولهم: (أُلِقَ) دليل على أصالة الهمزة؛ فقد تكون منقلبة عن الواو المضمومة؛ فيكون أصله - حينئذ (وُلِقَ) ثمّ قُلبت الواو همزة؛ على حدّ قولهم: (أُزِنَ) و (أُعِدَ) في: (وُزِنَ) و (وُعِدَ) فلا تكون حجة في (أُلِقَ) .

فالجواب أنّ قولهم: مألوق دليل أصالة الهمزة؛ فلو كانت الهمزة في (أُلِقَ) منقلبة عن الواو في (وُلِق) لزالت في اسم المفعول لزوال الضّمّة الموجبة للقلب؛ فكان يجب أن يُّقال - حينئذ (مَوْلُوقٌ) كما يقولون: (أُعِدَ) فهو (مَوْعود) ولم يُسمع قولهم: (مَأْعود) كما لم يقولوا: (مَوْلُوقٌ) وكقولهم: اُقِّتَت وتَوَقَّتَت؛ فاستُدلّ بذلك على أنّ الهمزة في (أُلِقَ) أصليّة غير منقلبة عن واو.١

قال ابن جنيّ: "ولو جاز لمدعٍ أن يقول: إنّ أصل أُلِقَ: وُلِقَ - من غير دلالة، ومع أنّ الهمزة ثانية في تصريف الكلمة بحيث لا موجب للقلب - لجاز لآخر - أيضاً - أن يقول: إنّ أصل: أُخذ: وُخِذَ، وإنّ أصل: أمّ: وُمّ، وإنّ أصل أُكل: وُكل، من غير دلالة ولا ثبت.

ولو جاز ذلك لخرج الأمر من باب طريق العلم إلى الجهل، وارتكاب ما لا حقيقة له، واعتقاد ما لا دليل عليه".٢


١ ينظر: المنصف ١/١١٤، والمقتصد ٢/٧٨٧.
٢ المنصف ١/١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>