وسيقف البحث بالتّفصيل على أنواع الثّلاثة الأولى؛ دون النّوع الرّابع؛ وهو اللّفيف؛ لأنّه ليس للتّداخل بينه وبين الصّحيح نصيب هنا؛ فلا يكاد يقع فيه، بل يتعذّر وقوعه.
وقد تدبّرت في ذلك طويلاً وبحثتُ عن أسبابه؛ فتوصّل البحث إلى نتيجةٍ مفادها أنّ تداخُل الأصول لا يقع بين اللّفيف والصّحيح في الثُّلاثيّ في اللُّغة العربيّة.
ويُعزَى ذلك إلى طبيعة النّوعين؛ فليس في العربيّة كلمةٌ ثلاثيّةٌ من الممكن أن يكون حرفان من حروف العلّة أصلين فيها، مع وجود ثلاثة أحرف صحيحة؛ لأنّ ذلك - لو وُجِدَ - يؤدِّي إلى تأصيل حرفين معتلّين، وزيادة حرفين صحيحين؛ ألا ترى أنّه ليس في العربيّة كلمةٌ ثلاثيّةٌ من اللّفيف؛ يكون فيها ثلاثة أحرف صحيحة؟ وأضرب لذلك مثلاً بكلمة (المَكْوَرَّى) وهو اللّئيم الفاحش المِكثار؛ فإن قيل: إنّ أصله (ور ى) أدّى ذلك إلى زيادة حرفين صحيحين؛ وهما الميم والكاف. وإن قيل: إنّه (ك وى) وجب القول بزيادة الميم والرّاء. وإن قيل: إنّه (م وى) كان الزّائد الكاف والرّاء؛ وكلّ ذلك لا يجوز؛ لأنّ الكاف والرّاء ليسا من حروف الزّيادة.