للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى؛ فهو عنده من لغات القبائل، ويرى أنّ لكلّ قولٍ مناسبةً، ولكلّ لفظٍ معناه الخاصّ، الّذي ينفرد به عن غيره في العربيّة؛ كالتّرادف والأضداد١.

أمّا الثّالث فهو موقف أكثر البصريّين؛ وقد توسّطوا فيه، وأساس مذهبهم هذا "أنّ كلّ لفظين وجد فيهما تقديمٌ وتأخيرٌ؛ فأمكن أن يكونا جميعاً أصلين ليس أحدهما مقلوباً عن صاحبه؛ فهو القياس الّذي لا يجوز غيره"٢.

وقد كان البصريّون يستدلّون على القلب بأمورٍ، منها:

١- أن يقلّ أحد اللّفظين في التّصرّف عن الآخر؛ فيكون الأكثر تصرّفاً هو الأصل، والآخر هو المقلوب؛ كقولهم: أَنَى الشّيء يَأْنِي، وآنَ يَئِين؛ إذا حان وأدرك منتهاه؛ فالأصل: أَنَى، وآنَ مقلوبٌ عنه، والدّليل على هذا ورود مصدر (أَنَى) وهو: الإِنَى والأَنَى٣، وليس لـ (آنَ) مصدرٌ.

أمّا إذا تساويا في التّصرّف؛ نحو: جَذَبَ وجَبَذَ؛ فلا يكون أحدهما مقلوباً عن الآخر؛ لقولهم: جَذَبَ يجْذِبُ جذباً، فهو جاذبٌ، والمفعول مجذوبٌ، وجَبَذَ يَجْبِذُ جبذاً، فهو جابذٌ، والمفعول مجبوذٌ٤.


١ ينظر: المزهر ١/٤٨١،وظاهرة القلب المكاني في العربيّة ٢٩١، ٣٠٠.
٢ الخصائص ٢/٦٩.
٣ ينظر: اللّسان (أني) ١٤/٤٨.
٤ ينظر: الكتاب ٤/٣٨١، والخصائص ٢/٦٩، ٧٠، ودرّة الغوّاص ٢٥٤، وشرح درّة الغوّاص للخفاجيّ ٢٣٧، والدرّ اللّقيط ٧٨أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>