للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (المقتضب) ١ للمبرد نحوٌ مما تقدم في كلام سيبويه. ومن أئمة اللغة الذين انتحوا هذا النحو - كذلك - ابن جِنّي؛ فقد ذكر رأيه في ذلك بما يوافق رأي الجمهور من المتقدمين حين قال: "الأصول ثلاثة: ثلاثي، ورباعي، وخماسي؛ فأكثرها استعمالاً، وأعدلها تركيباً الثّلاثيّ؛ وذلك لأنه حرف يبتدأ به، وحرف يُحْشى به، وحرف يوقف عليه"٢.

وزاد على المتقدمين بتعليل كثرة مفردات اللغة العربية ذات الأصول الثّلاثيّة؛ حين قال: "وليس اعتدال الثّلاثيّ لقلة حروفه حسب؛ لو كان كذلك لكان الثّنائيّ أكثر منه؛ لأنه أقل حروفاً، وليس الأمر كذلك؛ ألا ترى أن جميع ما جاء من ذوات الحرفين جزءٌ لا قدرَ له فيما جاء من ذوات الثلاثة؛ نحو: مِنْ، وفي، وعن، وهل، وقد، وبل، وكم، ومَنْ، وإذ، وصه، ومهْ. ولو شئتُ لأثبتُ جميع ذلك في هذه الورقة...وأقل منه ما جاء على حرف واحد؛ كحرف العطف وفائه... فتمكن الثّلاثيّ إنما هو لقلة حروفه، ولشيء آخر وهو حجز الحشو –الذي هو عينه- بين فائه ولامه؛ وذلك لتباينهما، ولتعادي حاليهما؛ ألا ترى أن المبتدأ لا يكون إلاَّ متحركاً، وأن الموقوف عليه لا يكون إلاَّ ساكناً؛ فلما تنافرت حالاهما وَسَّطوا العين حاجزاً بينهما؛ لئلاَّ يفجئوا الحِسَّ بِضدِّ ما كان آخذاً فيه،


١ ١/٥٣.
٢ الخصائص ١/٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>