للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: تكرار الكلمة في أكثر من مادّة (أصل) .

فالأوّل تكرار المشتقّات أو الصّيغ داخل المادّة الواحدة؛ لعدم اتّخاذهم منهجاً معيّناً في التّرتيب الدّاخليّ للمادّة. وقد نبّه عليه الشِّدْياق، في تعقّبه الفيروزاباديّ؛ وهو أنّه كثيراً ما يذكر لفظاً من مادّةٍ واحدةٍ، ثمّ يعيده؛ لعدم ترتيبه المشتقّات؛ كقوله في أوّل مادّة (ج ل ل) : "الجلل - محرّكةٌ: العظيم والصّغير؛ ضدٌّ" ثم قال بعد سطور عديدة: "والجلل - محركة: الأمر العظيم، والهين الحقير، ضدّ"١ وهما شيءٌ واحدٌ، كما ترى؛ وإن أوهمت عبارته الأولى والثّانية تقييداً٢.

ولا يكاد يخلو معجمٌ من معاجم القافية من مثل هذا؛ ولا سيّما (لسان العرب) لابن منظورٍ الّذي ظهرت فيه هذه الظّاهرة في أجلى صورها، ولا غرابة في ذلك؛ فهو ينقل موادّ كاملةً من معاجم مختلفةٍ.

أمّا الآخر؛ وهو تكرار الكلمة بما يشتمل عليه من معانٍ في أكثر من موضعٍ قد تصل إلى ثلاثةٍ أو أربعةٍ - كما تقدّم في المبحث السّابق - فهو من أهمّ الأسباب المؤدّية إلى اتّساع معاجم القافية؛ وهو نتيجةٌ طبعيّةٌ لوضع الكلمة في غير موضعٍ. ولعلّي لا أبالغ إن قلت: إنّ هذا النّوع يفوق ما تقدّم في أثره في اتّساع المعاجم.

ويكفي أن نعود بالذّاكرة إلى ما ورد في موضعين أو أكثر ممّا


١ ينظر: القاموس (جلل) ١٢٦٤.
٢ ينظر: سرّ اللّيال ١٧، والجوانب اللّغويّة عند أحمد فارس الشّدياق ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>