ولا بدّ في الرّد على التَّادليّ في هذه المسألة من شيء من البسط؛ فأقول: إنّ أوّل ما يلحظ في كلامه التّعميم، والجمع بين نظامين مختلفين في مدرستي التقليبات والصدور (الأبتثية) ؛ ولا بدّ - هنا - من التّفريق؛ فأمّا التّقليبات فإنّ ما ذكره لا ينطبق عليها، ويكفي - هنا - أن أقول: إنّ ما ذكره التَّادليّ من أنّهم يضعون الكلمة في باب الرُّباعيّ أو الخماسيّ؛ ناظرين إلى أصالة حرفها الأخير فحسب كلام لا يقبله نظام هذه المدرسة؛ القائم على التّقليب؛ الَّذي لا يعتدّ بحرف أوّل أو آخر؛ فالحرف يدور؛ فما كان أوّلاً يعود آخراً، وما كان آخراً يعود أوّلاً. ثمّ إنّ نظرة سريعة تلقى على ما جاء في الرُّباعيّ وحده تكفي لنفي ما ذكره التَّادليّ؛ أليس من طريقتهم أنّهم يضعون نحو:(زُرْقُمٍ) و (سُتْهُمٍ) و (شَدْقَمٍ) في باب الرُّباعيّ، مع نصِّهم على أنّ الحرف الأخير في هذه الكلمات زائد؟
أمّا المدرسة الهجائيّة العاديّة فإنّ التّادليّ أشار فيها إلى معجمين:(المجمل) لابن فارس، و (المغرِب) للمطرِّزيّ؛ ولا يستطيع أحد أن يقول: إنّ ابن فارس وضع كلماته الرباعيّة أو الخماسيّة؛ ناظراً إلى أصالة الحرف الأخير فحسب؛ بل إنّ صنيعه كان عكس ذلك تماماً؛ إذ كان يعتدّ بالحرف الأوّل فحسب، وهو حرف الباب. بقي عمل المطرِّزيّ في (المغرِب) ويظهر أنّه هو أساس هذه الفكرة؛ الَّتي اقتبسها التَّادليّ وعمّمها، وقد نصَّ التّادلي عليه صراحةً في