للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: حِرْصُهُ على إحياء النِّشاط المُعجميِّ، وتنقية المعاجم العربيِّة مما يَشُوبها١؛ فرأى أن يتَّخِذ من نقد (القاموس) مثالاً لذلك؛ لبيان ما فيه من إيجاز مُخِلٍّ، وإيهام مضلِّ، وخلل في ترتيب المشتقات، وتصحيف وتحريف، والنَّاس راضون عنه راوون منه، وأراد أن يُبيِّنَ لَهم من الأسباب ما يَحُضُّ أهلَ العَرَبيَّة في زمانه على تأليف مُعجم سَهل التَّرتيب، واضح التَّعاريف، نقيٍّ من التَّصحيف والتحريف٢.

لقد استطاع الشِّدياق أن يقدِّم دراسة منظّمة في أبواب خالف فيها القُدامى الَّذين اتَّخذوا من التَّرتيب المعجميِّ للألفاظ منهجاً في العرض؛ فجاءت نقداتهم مبثوثة في ثنايا كلامهم؛ لا يحكمها نظام سوى ترتيب المادَّة؛ فجعل كتابه في أربعة وعشرين باباً، أتى فيها على جُلِّ ما يمكن أن يُوجَّه للقاموس أو غيره من نقد؛ كإبهام تعاريفه والتباسها بغيرها، وقُصور عبارته وغموضها وعجمتها وتناقضها، وما في ذلك من الإبهام في المصادر والمشتقَّات والعطف والجمع، وعدم خُضوعها لقواعد اللُّغة.

كما تناول - بالنَّقد - ذُهول الفَيْروزاباديِّ عن معاني بعض الألفاظ؛ الَّتي وضعت لها في الأصل، وتعريفَهُ اللَّفظ بالمعنى المجهول؛ دون المعنى المعلوم الشَّايع، وتقييدَهُ المطلق، وتشتيته المشتقات وتكرارها، ووقوعه في الحشو والفضول، وخلطَه الفصيحَ بالضعيف، والرَّاجح بالمرجوح، وخروجه عن اللَّغة، ووقوعه في التَّصحيف والتَّحريف، وغير


١ ينظر: الجاسوس ٥.
٢ الجاسوس ٢، ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>