للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووثمة رأيٌ يعزى للسَّرِيِّ الرَّفَّاء الشاعر (ت٣٦٦هـ) يوافق رأيهم في أن نحو (زَلْزَلَ) ثلاثي؛ ولكنه يختلف عنهم قليلاً في توجيه ذلك؛ فقد نقل عنه الرَّضي ما نصه: "قال السَّريُّ الرفاء في كتاب: المُحِبِّ والمحبوب: زَلْزَلَ من: زَلَّ؛ كجَلْبَبَ من: جَلَبَ، وكذا نحوه"١.

قال الرَّضيُّ: "يعني أنه كرر اللام للإلحاق؛ فصار: زَلَّل؛ فالتَبَسَ بباب: ذَلَّلَ يُذِلِّلُ تَذْلِيْلاً؛ فأبدَلَ اللامَ الثانيةَ فاءً؛ وهو قريب"٢.

وقوله: "فالتبس بباب ذَلَّلَ ..." يعني أن زَلَّل يحتمل أن يكون (فَعَّل) مثل: كسَّرَ، أو يكون (فَعْلَلَ) وهو المراد للإلحاق، ولا دليل على ذلك؛ لتشابه حروفه الثلاثة الأخيرة؛ فإن كان (فَعَّلَ) فمصدره (التفعيل) وإن كان (فَعْلَلَ) بالإلحاق، فمصدره (الفَعْلَلَة) و (الفِعْلاَل) عند التضعيف؛ فأبدلَ اللامَ الثانيةَ في الكلمة من جنس الأول. وهذا أقرب من توجيه الكوفيين، ولكنه يوافقهم في أن أصل ذلك ونحوِه ثلاثي، وليس رباعياً؛ كما يقول البصريون، ويرِدُ عليه أن فيه الإبدالَ مما ليس من حروف الإبدال؛ كالحاء في: حَثْحَثَ من الثاء في: حَثَّثَ. وإنما الإبدال عندهم يكون فيما تقاربت مخارجه.

وما حكاه الرَّضي عن السَّري الرَّفَّاء يصلح جواباً عن اعتراضٍ قد يرد على الكوفيين في جعلهم نحو (زَلْزَلَ) ثلاثياً على (فَعَّل) بأن يقال: إن ذلك ينافي مصدره؛ وهو (الفَعْلَلَة) و (الفِعْلال) فلو كان (فَعَّل) لقيل في


١ شرح الشافية ١/٦٢.
٢ شرح الشافية ١/٦٢، ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>