للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يقدر أحد غير الله أن يخرج السنبل من ذلك النبات؟ الجواب: لا. ثم هب أن السنبل خرج من النبات، فهل يقدر أحد غير الله أن ينمي حبه وينقله من طور إلى طور حتى يدرك ويكون صالحاً للغذاء والقوت؟ الجواب: لا" ١.

وقد أوضح هذا البرهان الإمام ابن القيم -رحمه الله-، وبين تدرج هذا النبات في الإيجاد حتى يكون صالحاً مثمراً دالاً على خالقه وموجده من العدم؛ يقول -رحمه الله-: "إذا تأملت إخراج ذلك النور البهي من نفس ذلك الحطب، ثم النبات الأخضر، ثم إخراج تلك الثمار على اختلاف أنواعها، وأشكالها، ومقاديرها، وألوانها، وصورها، وروائحها، ومنافعها، وما يراد منها. ثم تأمل أين كانت مستودعة في تلك الخشبة وهاتيك العيدان، وجعلت الشجرة لها كالأمّ، فهل كان في قدرة الأب العاجز الضعيف إبراز هذا التصوير العجيب، وهذا التقدير الحكيم، وهذه الأصباغ الفائقة، وهذه الطعوم اللذيذة، والروائح الطيبة، وهذه المناظر العجيبة؟ فسل الجاحد من تولى تقدير ذلك وتصويره وإبرازه، وترتيبه شيئاً فشيئاً، وسوق الغذاء إليه في تلك العروق اللطاف التي يكاد البصر يعجز عن إدراكها، وتلك المجاري الدقاق؟ فمن تولى ذلك كله، ومن الذي أطلع لها الشمس، وسخر لها الرياح، وأنزل عليها المطر، ودفع عنها الآفات ... إلخ" ٢.

فإيضاح الشيخ الأمين -رحمه الله- لهذا البرهان الدال على أن الخالق متصف بصفات الكمال، متفرد بالخلق والإيجاد والعبادة: يرشد كل ذي عقل ولب إلى صرف جميع أنواع العبادات لله وحده جل وعلا، ويبعده عن عبادة ما سواه بأي نوع من أنواع العبادة، فلا شك أن الخالق اللطيف


١ أضواء البيان ٧/٣٣٢-٣٣٣. وانظر المصدر نفسه ٧/٧٩٠-٧٩١.
٢ مفتاح دار السعادة ١/٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>