للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من آياته الدالة على كمال قدرته، واستحقاقه للعبادة وحده؛ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} ١. واختلاف الألوان المذكورة من غرائب صنعه تعالى وعجائبه، ومن البراهين القاطعة على أنه هو المؤثر جل وعلا، وأن إسناد التأثير للطبيعة من أعظم الكفر والضلال، وقد أوضح تعالى إبطال تأثير الطبيعة غاية الإيضاح، بقوله في سورة الرعد: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} إلى قوله: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ٢"٣.

ويوضح -رحمه الله- هذا الدليل في موضع آخر مؤكداً على أهميته ودلالته على وحدانية الخالق العظيم، وعلى تفرده بالألوهية، وأنه لا شريك له في عبادته، وأنه هو الخالق لكل شيء، ولا يقع شيء إلا بمشيئته وإرادته، فليس لشيء من مخلوقاته تأثير إلا بأمره وتدبيره؛ فيقول -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} ٤:

"وأشار في هذه الآية الكريمة إلى أن اختلاف ألوان ما خلق في الأرض من الناس والدواب وغيرهما من أعظم الأدلة على أنه خالق كل شيء، وأنه الرب وحده، المستحق أن يعبد وحده. وأوضح هذا في آيات أخر؛ كقوله في سورة فاطر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} ٥، وقوله: {وَمِنْ


١ سورة فاطر، الآيتان [٢٧-٢٨] .
٢ سورة الرعد، الآية [٤] .
٣ أضواء البيان ٦/٤٨٦.
٤ سورة النحل، الآية [١٣] .
٥ سورة فاطر، الآية [٢٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>