للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكلف نفساً إلا وسعها كما هو معلوم" ١.

وكلام الشيخ الأمين -رحمه الله- عن الخوف وأقسامه يؤيده كلام الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب٢ رحمهم الله أجمعين حين قسم الخوف، فذكر أنّ القسم الأول: خوف السرّ؛ وهو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما شاء من مرض أو فقر أو قتل، ونحو ذلك بقدرته ومشئيته، فمن اتخذ مع الله ندا يخافه هذا الخوف فهو مشرك، الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير عذر إلا الخوف من الناس، فهذا محرم. الثالث: خوف وعيد الله الذي توعد به العصاة، وهو الذي قال الله فيه: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} ٣، وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان، وإنما يكون محموداً إذا لم يوقع في القنوط واليأس من روح الله. الرابع: وهو الخوف الطبيعي؛ كالخوف من عدو، وسبع، وهدم، وغرق، ونحو ذلك فهذا لايذم، وهو الذي ذكره الله عن موسى عليه الصلاة والسلام في قوله: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} ٤ ... إلخ٥.

وهكذا فالشيخ الأمين -رحمه الله- يفرق بين الخوف المذموم المفضي إلى الشرك، والموقع في معصية الله، وبين الخوف الطبيعي الذي جُبل عليه الناس؛ فهذا لا مؤاخذة فيه لأنه خارج عن طاقة الإنسان وإرادته.


١ سمعته بصوت الشيخ -رحمه الله-، في الشريط الثاني من تفسير سورة التوبة: الوجه الأول.
٢ تقدمت ترجمته.
٣ سورة إبراهيم، الآية [١٤] .
٤ سورة القصص، الآية [٢١] .
٥ تيسير العزيز الحميد ص٤٨٤-٤٨٦ –باختصار وتصرف-. وانظر: الجامع لآحكام القرآن للقرطبي ٨/٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>