للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه مرتكباً ذنباً محرماً لا يخرجه من دائرة الإسلام، فيقول -رحمه الله-: "إنّ الكفر والظلم والفسق كلّ واحد منها ربما أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة، والكفر المخرج من الملة أخرى؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله: معارضة للرسل، وإبطالاً لأحكام الله فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر مخرج عن الملة. "ومن لم يحكم بما أنزل الله":معتقداً أنه مرتكب حراماً، فاعل قبيحاً، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج عن الملة"١.

ورأي الشيخ -رحمه الله- هذا هو رأي الأئمة الأعلام قبله، من أمثال الإمام ابن القيم -رحمه الله- الذي قال: "إنّ الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين؛ الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم؛ فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحقّ للعقوبة، فهذا كفر أصغر.

وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر. وإن جهله وأخطأه: فهذا مخطىء له حكم المخطئين" ٢.

وبهذا التفصيل الدقيق من ابن القيم -رحمه الله- في هذه المسألة ندرك مدى توافق عقيدة الشيخ الأمين -رحمه الله- مع عقيدة السلف قبله، وتتضح جهوده -رحمه الله- في تقرير عقيدة السلف والسير على منهجهم واتباع طريقهم.

ولم يكتف الشيخ الأمين -رحمه الله- ببيان أنّ الحكم بغير ما أنزل الله يتراوح بين أن يكون خروجاً عن ملة الإسلام، أو وقوعاً في كبيرة من كبائر


١ أضواء البيان ٢/١٠٤.
٢ مدارج السالكين ١/٣٣٦-٣٣٧.
وانظر للاستزادة: شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص٣٦٣-٣٦٤ –فإن له كلاماً مشابهاً لكلام ابن القيم-. وتحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- ص٥-٧. فإنه فصّل في الموضوع، وجعل القسم المخرج من الملة ستة أنواع-. ومجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله ١/٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>