للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستشهد -رحمه الله- بقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ١، فيقول: "وقوله: "لغير الله" يدخل فيه الملك والنبي كما يدخل فيه الصنم والنصب والشيطان، وقد وافقونا في منع ما ذبحوه باسم الصنم، وقد دل الدليل على أنه لا فرق في ذلك بين النبي والملك، وبين الصنم والنصب، فلزمهم القول بالمنع. وأما استدلالهم بقوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ٢: فلا دليل فيه؛ لأن قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ليس بمخصص لقوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ؛ لأنه ذكر فيه بعض ما دل عليه عموم {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ٣.

وما ذهب إليه الشيخ -رحمه الله- من أنه لافرق في حكم الحرمة بين ما ذبح لعيسى أو للصنم؛ إذ إن كليهما مما قصد به غير الله سبحانه وتعالى، هو ما وضحه الإمام النووي٤-رحمه الله-، وبين أن من ذبح للأنبياء، أو للأصنام فهو ممن ذبح لغير الله، فقال: "وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى؛ كمن ذبح للصنم، أو الصليب، أو لموسى، أو لعيسى صلى الله عليهما، أو للكعبة، ونحو ذلك. فكلّ هذا حرام، ولا تحلّ هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلماً، أو نصرانياً، أو يهودياً، نص عليه الشافعي، واتفق عليه أصحابنا. فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفراً، فإن كان الذابح مسلماً قبل ذلك صار بالذبح مرتداً"٥.


١ سورة المائدة، الآية [٣] .
٢ سورة المائدة، الآية [٣] .
٣ دفع إيهام الاضطراب ١٠/١٠٤-١٠٥ الملحق بأضواء البيان.
٤ هو الإمام أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حزام النووي الدمشقي، ولد في (نوا) سنة (٦٣١هـ) وتوفي فيها سنة (٦٧٦هـ) . انظر طبقات الشافعية للسبكي ٥/١٦٥، والأعلام ٨/١٥٠.
٥ شرح النووي على صحيح مسلم ١٣/١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>