للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السحرة من الحبال والعصي، ولتخييلهم للناس أنها تسعى. فهذا النوع ليس السحر فيه حقيقة، بل هو تخييل.

وقد وافق الشيخُ -رحمه الله- في فهم هذه الآية الحافظ ابن حجر حيث إنه جعل سحر سحرة فرعون من الخيال، لا من الحقيقة، فقال عند قوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} ١:"هذه الآية عمدة من زعم أن السحر إنما هو تخييل. ولا حجة له بها؛ لأن هذه وردت في قصة سحرة فرعون، وكان سحرهم كذلك، ولا يلزم منه أن جميع أنواع السحر تخييل"٢.

فما قاله الشيخ الأمين –رحمه الله- من أن السحر الذي جاء به سحرة فرعون إنما هو تخييل، هو الصواب؛ فلا شك أنه من التخييل الناتج من تأثير السحر على أبصارهم حتى رأت غير الحقيقة؛ كما قال تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} ٣.

وحاصل الكلام أن السحر قسمان –كما ذكر ذلك الشيخ الأمين-: حقيقي، وخيالي، وهذا التقسيم تعضده الأدلة النقلية وهو مذهب جمهور المسلمين.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله- بعد ما ساق أدلة المعتزلة التي استدلوا بها علىأن السحر خيال لا حقيقة؛ مثل قوله تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاس} ٤، وقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} ٥،


١ سورة طه، الآية [٦٦] .
٢ فتح الباري ١٠/٢٣٥-٢٣٦.
وقد ذكر نحو هذا الكلام الإمام ابن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث ص١٢٣.
٣ سورة الأعراف، الآية [١١٦] .
٤ سورة الأعراف، الآية [١١٦] .
٥ سورة طه، الآية [٦٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>