للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: " حد الساحر ضربة بالسيف" ١.

قال الشيخ الأمين -رحمه الله- عن هذه الأدلة: "فهذه الآثار التي لم يعلم أن أحداً من الصحابة أنكرها على من عمل بها، مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور. وهي حجة من قال بقتله مطلقاً. والآثار المذكورة، والحديث فيهما الدلالة على أنه يقتل ولو لم يبلغ به سحره الكفر؛ لأن الساحر الذي قتله جندب رضي الله عنه كان سحره من نحو الشعوذة والأخذ بالعيون، حتى إنه يخيل إليهم أنه أبان رأس الرجل، والواقع بخلاف ذلك. وقول عمر: "اقتلوا كل ساحر" يدل على ذلك لصيغة العموم٢"٣.

فالشيخ -رحمه الله- يرى أن هذه الأدلة قوية ومعتبرة، ولها وزنها في الحكم؛ (أعني الحكم بقتل الساحر مطلقاً) ؛ حيث إنها من عمل بعض الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يعلم أن أحداً من الصحابة أنكرها على من عمل بها.


١ سنن الترمذي ٤/٦٠، وقال: والصحيح عن جندب موقوف. وسنن الدارقطني ٣/١١٤.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف (كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة ٣/٦٤١) ، وقال الشيخ الأمين: لا يصح (كما في أضواء البيان ٤/٤٥٩) .
٢ قال الشيخ الأمين -رحمه الله- عن الساحر الذي قتله جندب:"إن سحره من نحو الشعوذة، والأخذ بالعيون، وليس ذلك مما يقتضي الكفر المخرج من ملة الإسلام" (كما في أضواء البيان ٤/٤٦٢) . ويفهم من كلامه أن سحر التخييل ليس كفراً.
ولست أدري كيف يتفق كلامه هنا مع كلامه عن سحرة فرعون – (الذين كان سحرهم تخييلاً) - عندما فسر قوله تعالى: {ولايفلح الساحر حيث أتى} فقال:"وذلك دليل على كفره؛ لأن الفلاح لا ينفى بالكلية نفياً عاماً إلا عمن لا خير فيه، وهو الكافر" (أضواء البيان ٤/٤٤٢) .
وقد فصل -رحمه الله- كما مر معنا فيما مضى- في حكم الساحر؛ إن كان لا يتم سحره إلا بالكفر فهو كافر، وإن كان لا يبلغ الكفر فهو محرم حرمة شديدة. وسحر الشعوذة والتخييل قد لا يتم إلا بطاعة الشيطان، والكفر بالرحمن، فيكفر فاعله بالله العظيم. وعلى هذا المنهج يقال إن سحر الشعوذة والتخييل ليس مما يقتضي الكفر المخرج من ملة الإسلام على إطلاقه، بل الأمر فيه التفصيل السابق.
٣ أضواء البيان ٤/٤٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>