للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أدلة من فصّلوا في الحكم على الساحر:

ذكر الشيخ الأمين -رحمه الله- أدلة الفريق الثاني، وهي كما يلي:

١- استدلوا بما رواه البخاري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة" ١.

ووجه الاستشهاد بهذا الحديث: أن السحر الذي لم يكفر صاحبه ليس من الثلاث المذكورة في الحديث.

٢- واحتجوا بأن عائشة رضي الله عنها باعت مدبرة لها سحرتها٢.

ولو وجب قتلها لما جاز بيعها.

وذكر الشيخ -رحمه الله- أن بعضهم٣ أراد أن يوفق بين أدلة الفريقين بحمل أدلة الفريق الأول الدالة على قتل الساحر مطلقاً بأن المراد السحر الذي يشتمل على كفر. أما الذي لا يبلغ سحره الكفر فتحمل عليه أدلة من قال بعدم القتل.

لكن الشيخ -رحمه الله- لم يرتض هذا الجمع، ورد على ذلك بقوله: "لا يصح؛ لأن الآثار الواردة في قتله جاءت بقتل الساحر الذي سحره من نوع الشعوذة؛ كساحر جندب الذي قتله. وليس ذلك مما يقتضي الكفر المخرج من ملة الإسلام كما تقدم إيضاحه؛ فالجمع غير ممكن. وعليه فيجب الترجيح: فبعضهم يرجح عدم القتل؛ بأن دماء المسلمين حرام إلا


١ أخرجه البخاري ٨/٣٨.
٢ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨/١٣٧.
٣ أمثال ابن المنذر –الذي نقل ذلك القرطبي عنه، ووافقه عليه-.
(انظر: الجامع لأحكام القرآن ٢/٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>