للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ١، وما ثبت في الصحيح من أنّ موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان فيه قبوراً للمشركين٢.

وقد عقب -رحمه الله- على هذا الاستدلال الذي به جوزوا البناء على القبور بوصفه إياه بأنه: "في غاية السقوط، وقائله من أجهل خلق الله" ٣.

وقد تبنى -رحمه الله- رد الإمام الطبري -رحمه الله- على من استدل بهذه الآية، وهذا الحديث على جواز البناء على القبور بقوله: "وقد قال أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله تعالى في هؤلاء القوم مانصه: وقد اختلف في قائلي هذه المقالة٤: أهم الرهط المسلمون، أم هم الكفار؟ فإذا علمت ذلك فاعلم أنهم على القول بأنهم كفار، فلا إشكال في أن فعلهم ليس بحجة؛ إذ لم يقل أحد بالاحتجاج بأفعال الكفار كما هو ضروري. وعلى القول بأنهم مسلمون كما يدلّ له ذكر المسجد؛ لأن اتخاذ المساجد من صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية أنهم سيفعلون كذا لا يعارض به النصوص الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طمس الله بصيرته؛ فقابل قولهم: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ٥ بقوله صلى الله عليه وسلم في مرض موته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بخمس: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " الحديث٦. يظهر لك أنّ من اتبع هؤلاء القوم في


١ سورة الكهف، الآية [٢١] .
٢ سياتي تخريجه عند الردّ على استدلالهم به بعد صفحتين.
٣ أضواء البيان ٣/١٧٦.
٤ يقصد: الذين قالوا: لنتخذن عليهم مسجداً –كما حكى الله عنهم ذلك-.
٥ سورة الكهف، الآية [٢١] .
٦ أخرجه مسلم ١/٣٧٦، من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>