للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخاذهم المسجد على القبور ملعون على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما هو واضح. ومن كان ملعوناً على لسانه صلى الله عليه وسلم فهو ملعون في كتاب الله، كما صحّ عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنّ الله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ١ ... "٢.

وبذلك يتضح أنّ هذه الآية لا تدل على جواز البناء على القبور كما زعم بعضهم.

وقد قال العلامة الألوسي٣ -رحمه الله-: "وكيف يمكن أن يكون اتخاذ المساجد على القبور من الشرائع المتقدمة، مع ما سمعت من لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ٤.

وهذا واضح؛ إذ لو كان شرعاً لمن قبلنا لما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله من الأمم الماضية، فدلّ على أنه من الأمور المحرمة عند جميع الأمم؛ لأنه من وسائل الشرك. وكما هو معروف فإن الأنبياء جميعهم يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويسدون الذرائع الموصلة إلى عبادة غيره جل وعلا.

أما استدلالهم بأنه كان في موضع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم قبور للمشركين؛ فقد نقل الشيخ الأمين -رحمه الله- ردّ الإمام الطبري على هؤلاء فقال -رحمه الله-: "وأما استدلالهم بأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مبني في محل مقابر المشركين: فسقوطه ظاهر؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فنبشت وأزيل ما فيها؛ ففي الصحيحين من


١ سورة الحشر، الآية [٧] .
٢ نقلاً عن أضواء البيان ٣/١٧٧؛ فإني لم أعثر عليه في تفسير الطبري.
٣ شهاب الدين أبو الثناء محمود بن عبد الله الحسني الألوسي. ولد في بغداد سنة (١٢١٧?) . وتوفي سنة (١٢٧٠?) . من تصانيفه: روح المعاني، (انظر: الأعلام ٧/١٧٦-١٧٧. والتفسير والمفسرون ١/٣٥٢) .
٤ روح المعاني ١٥/٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>