أما من تمسك بجميع هذه الأسس العظيمة فقد سار على طريق سلامة محقق. وهو ناج يوم العرض الأكبر؛ لأنه قد استنار بالكتاب والسنة.
قال -رحمه الله-: "لو متم يا إخواني وأنتم على هذا المعتقد أترون الله يوم القيامة يقول لكم: لم نزهتموني عن مشابهة الخلق ويلومكم على ذلك؟ لا وكلا، والله لا يلومكم على ذلك. أترون أنه يلومكم على أنكم آمنتم بصفاته وصدقتموه فيما أثنى به على نفسه ويقول لكم: لم أثبتم لي ما أثبت لنفسي، أو أثبت لي رسولي؟ لا والله لا يلومكم على ذلك، ولا تأتيكم عاقبة سيئة من ذلك. وكذلك لا يلومكم الله يوم القيامة ويقول لكم: لم قطعتم الطمع عن إدراك الكيفية ولم تحددوني بكيفية مدركة"١.
وبهذا الأسلوب الرائع من الشيخ –رحمه الله- في عرضه العقيدة الصحيحة في الصفات، وبسطه لها بالكلام المقنع، ووضع القارئ أمام الأمر الواقع، وأنه سيقف أمام الله يوم القيامة. فمن أخذ بتلك الأسس فإنه سوف يستمسك بالأسباب المنجية. ولكنّ الخوف كل الخوف علىمن حاد عنها فعطل أو حرف أو شبه، فماذا يكون جوابه عن ذلك يوم الفزع الأكبر.
وبهذه الحجة المقنعة من الشيخ -رحمه الله- نستطيع أن ندرك ما كان -رحمه الله- يتمتع به من عقلية فذة، وعلم واسع، وحجة قوية، وفهم لعقيدة السلف، وحرص على العمل بها ونشرها بين الناس.
وبعد أن فهمنا هذه الأسس العظيمة كما قررها الشيخ الأمين –رحمه الله- ولبيان سلامة فهم الشيخ، واتباعه لمنهج السلف، وبعده عن سواه من المناهج المبتدعة.
أختم الكلام بإيراد بعض أقوال السلف التي تؤيد ما ذكره الشيخ -رحمه الله-. وتدلّ على أنه مقتف آثار السلف الصالح، وعلى نهجهم يسير، وإلى ما ذهبوا إليه يذهب.
فقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "لله أسماء وصفات لا يسع أحدا
١ المصدر نفسه ص ٤٤-٤٥. وانظر: آداب البحث والمناظرة ١/١٣٠.